نحو بيئة نظيفة وجميلة

test

أحدث المقالات

Post Top Ad

Your Ad Spot

Wednesday, July 23, 2025

"حتى النحل جاع في غزة، وفرّ خوفاً وفزعاً من القصف"

 الأراضي المقدسة الخضراء / GHLands



في شمال قطاع غزة، تجد فاتن العمراني نفسها عاجزة أمام تكاليف الغذاء المتصاعدة، وتقول: "كيس السكر بات من الكماليات، وصل سعره إلى ألف دولار، مما دفعني لاستخدام العسل الأبيض كبديل غذائي لأسرتي". ومع ذلك، فإن هذا البديل يوشك على النفاد بعد تضرر المناحل التي كانت تؤمن لها الكميات القليلة المتبقية.

تربية النحل في غزة، التي لطالما وفرت مصدراً طبيعياً للغذاء والدخل، تواجه اليوم انهياراً شبه تام. فبحسب تقرير صادر عن شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، فقد تم تدمير أكثر من 27 ألف خلية نحل من أصل 30 ألفاً كانت عاملة قبل الحرب، أي ما يزيد عن 90% من القدرة الإنتاجية للقطاع، مما أدى إلى انخفاض حاد في إنتاج العسل، من 250 طناً سنوياً إلى أقل من 25 طناً في عام 2025.

أمير لطفي عيد، أحد النحالين في القطاع، يروي كيف طالت الحرب منحلته الصغيرة، وأجبرت النحل على الهروب من الصناديق، بعد أن دُمّر الغطاء النباتي بالكامل، وفقدت الحشرات مصدرها الأساسي للرحيق. ويقول: "لم تعد المناطق الزراعية آمنة، فهي إما مناطق عسكرية مغلقة أو مدمرة بالكامل، وحتى أبسط الأدوات لم تعد متوفرة".

عيد، الذي كان يملك نحو 500 خلية نحل قبل الحرب، يشير إلى أن إنتاجه كان يصل إلى طن ونصف من العسل سنوياً. أما اليوم، فكل أمله هو إعادة بناء جزء بسيط من مشروعه، وتأمين الحد الأدنى من الغذاء لعائلته، وخاصة زوجته المصابة بالسرطان.

من جهته، يؤكد النحال سمير الطحان أن الحل الوحيد المتاح أمامه كان إقامة خلايا نحل وسط مناطق النزوح، رغم الاكتظاظ البشري والخطر الدائم. ويشرح: "القصف والدخان يجبران النحل على الهروب، لا يمكن إنتاج العسل في ظل هذه الظروف".

ويستخدم العسل اليوم في غزة ليس فقط كمصدر للطاقة في ظل انعدام الغذاء، بل كوسيلة للعلاج أيضاً، خصوصاً مع تفشي التهاب الكبد الوبائي بين النازحين. ومع شحّ السكر، تحول العسل إلى محلٍ طبيعي نادر، يُستهلك بجرعات صغيرة جداً بسبب ارتفاع سعره الذي بلغ في بعض الأحيان 100 دولار للكيلوغرام الواحد.

وبحسب تقرير شبكة PNGO، لم تقف الأضرار عند تدمير الخلايا، بل شملت تراجعاً كارثياً في الغطاء النباتي بنسبة 76% بسبب التجريف والقصف ورش المبيدات، مما أدى إلى انخفاض إنتاجية الخلية من 30 كغم إلى ما بين 2–3 كغم سنوياً فقط.

ووفق بيانات وزارة الزراعة في غزة، فقد بلغت الخسائر الاقتصادية المباشرة في قطاع تربية النحل نحو 2.9 مليون دولار، إضافة إلى فقدان مئات الأسر مصدر دخلها الوحيد، وسط تدهور اقتصادي عام وارتفاع معدلات الفقر والبطالة.

ويؤكد التقرير أن تربية النحل في غزة لم تعد مجرد نشاط زراعي، بل باتت رمزاً لانهيار المنظومة البيئية والاقتصادية في ظل استمرار الحصار والتصعيد. ودعت الشبكة إلى تدخل فوري من المؤسسات الإنسانية والدولية لإعادة إحياء القطاع من خلال توفير المعدات والأدوية ورفع القيود المفروضة على دخول مستلزمات النحل والقطاع الزراعي عموماً.


No comments:

Post a Comment

حصار من البلاستيك.. صراع داخل أروقة الأمم المتحدة.. العلماء في مواجهة لوبيات البلاستيك

 الأراضي المقدسة الخضراء / GHLands لم يكن من المفترض أن تسير مفاوضات الأمم المتحدة الرفيعة المستوى على هذا النحو. لكن البروفيسورة بيثاني كار...

Post Top Ad

Your Ad Spot

???????