نحو بيئة نظيفة وجميلة

test

أحدث المقالات

Post Top Ad

Your Ad Spot

شركة كسابري للتجارة و الصناعة

شركة كسابري للتجارة و الصناعة
شركة كسابري

Thursday, September 4, 2025

المستوطنون من نهب الأرض إلى اللصوصية المباشرة

 الأراضي المقدسة الخضراء / GHLands


خاص بمجلة افاق البيئة و التنمية 
عندما زرت بلدتنا هذا الصيف، كان هناك مجال واسع في بيت عزاء أن استمع لما يفكر به الفلاحون البسطاء، يكدّون لأجل لقمة عيشهم صابرين صامدين جراء الواقع، فهم يمارسون الصمود والمقاومة عفويًا، ومن خلال الشعور العميق بصراع البقاء على هذه الأرض.

 لم يدر الحديث كثيرًا عن مصادرة الأرض والاستيطان الرعوي فقط، بل تعداه إلى الحديث المركز عن تحول المستوطنين إلى قطّاع طرق، ولصوص مباشرين.

يقول أحدهم: "كنت اليوم في منطقة تدعى "وردان" (وهي أراض تابعة لحلحول وبيت أُمر وشيوخ العروب)، جمعت بعض ثمار البرقوق كي أبيعها في سوق الخضار، إضافة إلى كمية من ورق العنب".

في الطريق اعترضني مستوطن على دراجة نارية، أوقفني وفتشني، لم يكن معي أكثر من 50 شيكلاً، أخذها، وفتح الجيب الخلفي للسيارة وأنزل صناديق البرقوق وورق العنب، وتحدث بكلمات عبرية لم أفهمها، لكني أدركت وكأنه يقول بإشارات أصابعه "لا تعد إلى هنا مرة ثانية".

في هذه المنطقة شُقّ شارعٌ استيطاني، تعديلاً للشارع الاستيطاني القديم (رقم 60)، ملتهمًا آلاف الدونمات من بساتين العنب المعرش وبساتين البرقوق والدراق، دون أي حاجة لعملية تتعلق بالمرور ولا حتى حاجة أمنية، إنما كان ذلك لحصر امتداد البلدات الثلاث وتسهيل الاستيطان المستقبلي.

رجل آخر، تكلم عن اعتداءات المستوطنين في المنطقة الجنوبية الشرقية بين حلحول والخليل وسعير (منطقة قيزون وبيت عينون)، قائلاً: "لم نعد نخشى الجيش الذي كان يمنعنا من إيقاف سياراتنا على رصيف الشارع الالتفافي، فقد أتقنا لعبة القط والفأر معه، لكننا بتنا نخشى المستوطنين المنفلتين، الذين استغنوا عن حراسة الجيش لهم لينفذوا عمليات "تقشيط". لقد "قشطوا" رجلاً أقام عريشة لبيع بعض المحاصيل على طرف الشارع، فأخذوا كل ما بحوزته من نقود، ومنتجات معروضة وهدموا عريشته البسيطة".

تكلم كثيرون عن حوادث عدة ورووا قصصًا تحدث في أكثر من قرية في المنطقة، وأن الأمر لم يعد فقط استيطانًا رعويًا بحماية الجيش، بل تهديدًا منفلتًا لحياة المواطنين الذين باتوا يحرصون على استكشاف الطريق عند الذهاب إلى كرومهم أو العودة منها.

سياق تاريخي للصوصية

هذا السياق ليس مقطوعًا عن جذور تاريخية، فكما أسلفنا في مقالات سابقة عن الاستيطان الرعوي فإن تاريخ الاستيطان الصهيوني في فلسطين فيه كثير من الحوادث التاريخية لعمليات "التقشيط"، وسلوك قطّاع الطرق من المستوطنين.

ونتيجة للفشل الاستيطاني الزراعي الأول أواخر القرن التاسع عشر، لجأ المستوطنون للاعتداء على القرى الفلسطينية المجاورة مثل (عيون قارة والشيخ مونس وملبس) وكانوا يسرقون المواشي والمحاصيل الزراعية، كما هو موثق في السجلات العثمانية، وسجلات الاحتلال البريطاني.

وفي حادثة قرب مستعمرة "بيتح تكفا" في أواسط الثلاثينيات، حيث استولى الفلسطينيون على حمار يهودي بعد خلاف، فردّ المستوطنون بسرقة عدد من الحمير، ما أدى لاشتباك مسلح وإصابات.

ومن سجلات الشرطة البريطانية عام 1937 وثّقت 438 حادثة إرهاب مسلح، و151 حادثة سرقة في أربعة أشهر[1]، منها نصب كمين قرب نابلس استهدف ركاب سيارات وسرقتهم، وتطورت الظاهرة إلى عمليات سطو مسلح منظم على الطرق والمزارع، أحيانًا على يد عناصر مرتبطة بالمستوطنين أو مجموعاتهم المسلحة.

 السرقات أرقام وحوادث

لم تقتصر السرقات على المنتوجات النباتية وعمليات "التقشيط" المباشر لها، بل تعدّى ذلك إلى سرقة الأغنام والمواشي أو تسميمها وقتلها، بعد أن أمعنوا سابقًا في قطع الأشجار وتخريب الدفيئات، فقد سُرق أكثر من 1500 رأس غنم في العوجا في آذار من هذا العام، تحت بصر الجيش المحتل، كما سُرِقت أطنان من محصول الزيتون في الأعوام السابقة، وسُرِقَت منتجات الألبان من مضارب البدو في المناطق المطلة على الأغوار.

في عام 2022 وُثّق 38 اعتداءً للمستوطنين، واُستهدفت محاصيل زراعية مثل حرق أو قطع أشجار، واُستهدف 540 شجرة زيتون، ومَنع المستوطنون الوصول إلى أكثر من 96 ألف دونم من حقول الزيتون عام 2023، واستولوا على محاصيلها وفق خبراء من الأمم المتحدة، كما سُرِقت محاصيل أكثر من 5500 شجرة زيتون، وصودرت أدوات القطف ولوازمها من أصحاب الأرض.


محميات إسرائيلية في منطقة التلال الخصبة أقصى جنوب الخليل مجرد غطاء لنهب الأراضي الفلسطينية

هل يستغني النشاط الاستيطاني عن حماية جيش الاحتلال؟

حتى الآن هناك علاقة تنسيق تامة بين الجيش المحتل والمستوطنين، هذه العلاقة هي جزء من عملية تنفيذ المشروع الاستيطاني الموسع لسموتريتش الذي يشغل منصب وزير شؤون الضفة الغربية؛ إضافة لوازرة المالية، والذي يطلق يد المستوطنين ويشجعهم على الانتشار في تلال الضفة الغربية.

لكن شعور المستوطنين بالدعم السياسي الحكومي لنشاطهم، جعلهم يبادرون إلى نشاطات متفرقة لا تحتمي بالجيش، خاصة في المناطق التي لا كثافة سكانية فيها أو المضارب البعيدة عن مراكز القرى، إذ ينفذّون اعتداءاتهم وعمليات السطو و"التقشيط" ضمن هجمات سريعة ومباغتة توفر لهم مزيدًا من استخدام القوة والعنف تجاه المواطنين الفلسطينيين.

وفضلاً عن ذلك يدرك المستوطنون جيداً بأن الفلاحين والرعاة الفلسطينيين يفتقرون إلى الأدوات الرادعة للمستوطنين، فيما المستوطن يحمل سلاحه المرخص أو غير المرخص، ويستطيع ليس السرقة فحسب وإنما القتل أيضاً، موقناً أنه لو عوقب على ذلك فإن العقاب سيكون مخففًا جدًا؛ فلا يضطره للإحجام عن أي عمل هجومي ضد الفلسطينيين.

وبالتالي يشكل هذا الواقع بيئة خصبة للتفلت الاستيطاني حتى من حماية الجيش، لأن في ذلك إطلاقًا لوحشيتهم ضد الفلسطينيين.

ما هي سبل المواجهة؟

حتى الآن لا وجود لأي شكل مؤسسي منظم وفعال لمواجهة المستوطنين وانفلات عنفهم الدموي، لا على المستوى الشعبي ولا الرسمي، فيما تقتصر الأمور على بيانات الاستنكار أو التشكي للهيئات الدولية والقنصليات الأجنبية، بينما يُترك المواطنون دون أي حماية، فليس هناك أي توجه لبناء آليات حماية شعبية في مواجهة الاستيطان ونشاط المستوطنين العالي في هذه الفترة، وكذلك ليس هناك أي توجه رسمي فاعل للمواجهة على الصعيد الميداني، حيث لا خطة وطنية فعالة لمواجهة المستوطنين، فيما يدفع الناس البسطاء أعمارهم في مواجهات عفوية محلية لا رابط  بينها إلا الفكرة القائمة على المواجهة المباشرة، كما يحصل في قرى يطا والمغير وكفر مالك وغيرها من المواقع.

المطلوب بلورة خطة للحماية الشعبية من اعتداءات المستوطنين، يتشارك فيها الرسمي مع الشعبي قبل أي توجه للهيئات الدولية التي يدرك الجميع أن لا طائل من التوجه لها.

مطلوب أن يشعر المستوطنون أن ما يقومون به يوميًا أضحى مخاطرة، وهذا هو الحد الأدنى الذي يمكن أن يحد من هذا التغوّل المنفلت.

No comments:

Post a Comment

عرض خاص

عرض خاص
عرض خاص

هجمات المستوطنين على مصادر المياه في الضفة تصيب صنابير الفلسطينيين بالجفاف

 الأراضي المقدسة الخضراء/ GHLands صورة التقطتها طائرة مسيَّرة تُظهر فلسطينيين يملؤون المياه من صهريج في الخليل بالضفة (رويترز) يواجه الفلسطي...

Post Top Ad

Your Ad Spot

???????