مدن تحت الماء.. دور الشعاب الاصطناعية في إنقاذ الشعاب المرجانية المتدهورة

 الأراضي المقدسة الخضراء / GHLands

تُعد الشعاب المرجانية الاصطناعية أحد أهم التدخلات الحديثة في مجال الحفاظ على النظم البيئية  البحرية. وتهدف هذه الهياكل المصنّعة إلى محاكاة تكوينات الشعاب الطبيعية، من خلال توفير موائل للكائنات البحرية، والمساهمة في استعادة البيئات البحرية المتدهورة.

وتبرز أهمية هذه الجهود عند النظر إلى حجم الخسائر التي تتعرض لها الشعاب المرجانية حول العالم؛ فعلى الرغم من أن الشعاب لا تشغل سوى نحو 1% من مساحة قاع المحيطات . فإنها تدعم ما لا يقل عن 25% من جميع الأنواع البحرية. كما تعمل بوصفها حضانات طبيعية تتكاثر فيها الأسماك واللافقاريات، وتوفر لها المأوى حتى تصل إلى مرحلة النضج قبل انتقالها إلى المياه المفتوحة، ما يسهم في تجديد المخزون السمكي عالميًا ودعم مصايد الأسماك.

وتقدَّر القيمة الاقتصادية للشعاب المرجانية بنحو 36 مليار دولار سنويًا، فضلًا عن دورها الحيوي في حماية السواحل؛ إذ تعمل كمصدّات طبيعية للأمواج، تقلل من حدة التعرية واندفاع العواصف ومخاطر الفيضانات . وفي الولايات المتحدة، يعتمد نحو نصف مصايد الأسماك الخاضعة للإدارة الفيدرالية على الشعاب المرجانية وموائلها خلال مراحل مختلفة من دورة الحياة، وتدر مصايد الشعاب المرجانية أكثر من 100 مليون دولار سنويًا على الاقتصاد الأمريكي.

وحدة موائل الشعاب المرجانية دعم إنشاء موائل للحياة البحرية] وتدعم ترميم الشعاب المرجانية والبحوث

ورغم هذه الأهمية، تتعرض الشعاب المرجانية لتدهور متسارع بفعل تغير المناخ وارتفاع حرارة المحيطات ,والتحمض، والصيد الجائر، والتلوث، والتوسع العمراني الساحلي. وقد أدت درجات الحرارة القياسية للمحيطات خلال العامين الماضيين إلى تسجيل أكبر حدث ابيضاض للشعاب المرجانية في التاريخ، حيث تأثرت 84% من شعاب العالم.

ويمثل انهيار النظم المرجانية تهديدًا مباشرًا للأمن الغذائي وحماية السواحل، إلى جانب خسارة خدمات اقتصادية وثقافية تقدر بمليارات الدولارات. لذلك، تحظى مشروعات الاستعادة، وعلى رأسها الشعاب الاصطناعية، بأولوية قصوى لدى العلماء والمجتمعات والمنظمات المعنية بالحفاظ على البيئة .

وحدات الشعاب المرجانية التابعة لتحالف الإنقاذ البحري الدولي جاهزة للإطلاق في المحيط على متن بارجة

وتُعرّف الشعاب المرجانية الاصطناعية بأنها هياكل تُنشأ تحت الماء لمحاكاة بعض خصائص الشعاب الطبيعية، وغالبًا ما توضع في قيعان بحرية مسطحة أو متآكلة. وتتخذ أشكالًا متعددة، مثل حطام السفن الغارقة، ومنصات النفط الخارجة من الخدمة، ووحدات خرسانية خاصة، وتراكمات من الصخور أو مواد مُعاد استخدامها. وتهدف هذه الهياكل إلى توفير سطح صلب ثلاثي الأبعاد تلتصق به الشعاب والطحالب والكائنات اللافقارية، إضافة إلى توفير ملاجئ للأسماك.

وتستخدم المشروعات الحديثة مواد مختارة بعناية لضمان المتانة وعدم السمية وطول العمر الافتراضي، مثل الصخور الطبيعية والخرسانة البحرية والفولاذ المقاوم للتآكل، بما يضمن فوائد بيئية طويلة الأمد.

تمثال فني تحت الماء لأخطبوط يرمز إلى الحكمة- مشروع حراس الشعاب المرجانية في هوليوود، فلوريدا.

وتشمل فوائد الشعاب الاصطناعية تعزيز تعقيد الموائل البحرية، وتوفير أماكن للتكاثر والحضانة، ودعم استزراع ونقل الشعاب المرجانية، فضلًا عن دورها في حماية السواحل من التعرية، وتنشيط السياحة البيئية والتعليم البيئي عبر المشروعات الفنية تحت الماء.

ومع ذلك، لا تخلو هذه الحلول من تحديات، إذ إن التخطيط السيئ أو استخدام مواد غير مناسبة قد يؤدي إلى تلوث البيئة البحرية أو الإضرار بالشعاب الطبيعية المجاورة، كما يمكن أن تسهم الشعاب الاصطناعية في زيادة الضغط على الثروة السمكية إذا لم تُدار بشكل مستدام.

محطة التقاط صور السيلفي أوراي أكوانوت في موقع الغطس حراس الشعاب المرجانية في هوليوود، فلوريدا.

وتبرز حول العالم مبادرات مبتكرة تجمع بين الفن والهندسة والعلم، تقودها منظمات غير حكومية ومجتمعات محلية، لإعادة بناء الشعاب المرجانية وتعزيز قدرتها على الصمود. وعند تصميمها بعناية ودمجها مع برامج بيولوجية نشطة مثل استزراع الشعاب، يمكن للشعاب الاصطناعية أن تمثل أداة فعالة لإحياء النظم البحرية وحمايتها للأجيال القادمة. نقلاً عن موقع المستقبل الأخضر