الأراضي المقدسة الخضراء/GHL
"لم أعد أتناول طعامي في مطاعم الوجبات السريعة، ليس بسبب الطعام ولكن حفاظاً على البيئة"،
تقول لرصيف22 سالي محمد وهي أم لثلاثة أطفال وتعيش في مدينة طنطا المصرية، موضحة أنها أصبحت لا تتقبل فكرة وجود الألعاب البلاستيكية في منزلها ومع أطفالها على الإطلاق، ولعل هذا السبب الذي جعلها تقرر عدم الذهاب معهم لمطعم شهير يضع لعبة صغيرة من البلاستيك مع وجبات الأطفال.
ورغم أن الطفل يذهب خصيصاً للمطعم من أجل اللعبة وليس الطعام، فإن الأمر لا يستغرق أكثر من ربع ساعة حتى يمل منها ويكون مصيرها الرمي وسط أكوام من اللعب البلاستيكية الأخرى وفي النهاية لسلة المهملات.
تشجع سالي أطفالها على ترك الألعاب البلاستيكية بشراء أخرى بديلة صديقة للبيئة، والابتعاد عن تلك التي تحتاج للبطاريات لتشغيلها، أو الاعتماد على البطاريات القابلة للشحن أكثر من مرة بهدف التخفيف من الاستهلاك.
اتفقت مع أصدقائي على تبادل اللعب التي ضجر منها الأطفال، خاصة غالية الثمن والتي ما تزال حالتها جيدة.
"أعلم أضرار البلاستيك جيداً بحكم دراستي في كلية العلوم قسم الكيمياء، وأخشى الضرر الجسيم منها على أطفالي، سواء بعد أن وجدتهم يضعونها داخل أفواههم، أو بسبب ألوان اللعبة التي تنتقل إلى أيديهم وبعدها يتناولون الطعام فوراً، فجميعها صبغات كيميائية ضارة قد لا نلاحظها مباشرة في أحيان كثيرة. على سبيل المثال فإن طفلي كان يستخدم الألعاب الصغيرة كملعقة لتناول الطعام وهو أمر ضار جداً"، تقول.
وتشير إلى أنها تبحث عن الألعاب البلاستيكية الصديقة للبيئة لكنها غالية الثمن بعض الشيء، لذلك فإن اعتمادها الأساسي مع أطفالها على الورق كوسيلة للعب، بإعادة تدويره وصنع طائرات ورقية ووردات كبيرة منه، وقراءة الكتب المصنوعة من قماش الجوخ، فإلى جانب كونها صديقة للبيئة، فهي عملية للغاية وتعيش عمراً طويلاً.
بلاستيك غير صديق للبيئة
أوضحت دراسة علمية نُشرت بمجلة أبحاث الطلاب في جامعة إنديانا الأمريكية أن صناعة ألعاب الأطفال تُكلف حوالى 90 مليار دولار سنوياً، ومقابل كل مليون دولار أرباح يتم استهلاك أربعين طناً من البلاستيك، فالألعاب نفسها مصنوعة من البلاستيك وتعبأ في غلاف بلاستيكي أيضاً مما يجعل الخطر مُضاعفاً.
كما أشارت الدراسة إلى أن هذه الصناعة تُنتج كميات كبيرة من الغازات الملوثة للهواء مما يتسبب في تفاقم أزمة تغيّر المناخ، عدا أن ملايين الألعاب تلقى في مكبات النفايات وهنا يكون مصيرها النهائي الحرق أو التحلل مما يسبب الضرر للبيئة، فعند حرقها تنطلق الغازات السامة وثاني أكسيد الكربون، وإن ظلت دون حرق فستزيد العبء لأنها مصنوعة من بلاستيك يستغرق مئات السنين كي يتحلل، ونصحت الدراسة بضرورة البحث عن حلول صديقة للبيئة تكون عملية ومتوازنة لمستهلكي الألعاب والبيئة على حد سواء.
أمهات واعيات
خلال السنوات الأخيرة، بدأ موضوع الألعاب الصحية وغير المضرة بالبيئة يشغل بال كثيرين في العالم العربي، ليحاولوا إيجاد حلول للأمر. في حديثها لرصيف22 تقول سهى السيد وهي سيدة مصرية تعيش في القاهرة، إنها قررت أن تستغني عن كل الألعاب البلاستيكية حرصاً على صحة أطفالها، خاصة بعد أن تعرّض طفلها الرضيع لحالة شديدة من الإعياء نقل على إثرها للمستشفى، وتبين بعد التحاليل وجود مادة لم تنس اسمها حتى الآن هي "الفثالات" ضمن تحليل البول.
صحها الطبيب حينها بألا يحتك رضيعها مع أي منتجات بلاستيكية سواء كانت ألعاباً أو أطباقاً، ومنذ ذلك الوقت بدأت بشراء الألعاب الخشبية مثل السيارات والقطارات والأرقام والحروف لأطفالها، وشجعها على ذلك وجود ورشة تصنعها وتبيعها بأسعار رخيصة.
أصبحت أتعمد خروج أطفالي للعب في الحدائق العامة أو على سطح المنزل المليء بأكوام الرمال، وذلك هرباً من الألعاب البلاستيكية التي قرأت الكثير عن أضرارها
ما سبق لا يقل أهمية عما فعلته بسمة محمد وهي سيدة متزوجة ولديها 3 أبناء. تقول إنها لم تعد تشتري الكثير من الألعاب البلاستيكية على الرغم من مميزاتها مقارنة بمثيلتها المصنوعة من القماش والقطن والخشب وخيوط الكروشيه، مثل رخص الثمن وسهولة الغسل والتنظيف، كما تحاول أن تُبعد أطفالها عن الألعاب البلاستيكية تماماً بعد أن لاحظت رائحتها غير المُريحة والتي توحي باحتوائها على الكيماويات.
في هذا السياق اختبر باحثون في جامعة تورونتو 96 منتجاً مصنوعاً من البلاستيك مثل أدوات المطبخ والأجهزة الإلكترونية والملابس والألعاب البلاستيكية، ووجدوا أن الأخيرة تحتوي على البارافينات المكلورة أو CPS بنسبة كبيرة للغاية، وهى مركبات كيماوية تسبب السرطان وتضاف للبلاستيك لجعله أكثر ليونة، وقد حُظرت في كندا منذ عام 2013.
المرجع :
https://raseef22.net-
No comments:
Post a Comment