???????

Tuesday, June 10, 2025

هل تصبح “الإبادة البيئية” جريمة دولية؟ دعوات عالمية محاسبة الملوثين

 الأراضي المقدسة الخضراء / GHLands



  • قانون دولي لحماية الأرض.. هل يشهد العالم ميلاد جريمة جديدة؟

تصنيف الأفعال الخطيرة التي تُلحق الضرر بالبيئة كجرائم ضد السلام قد يحمل الدول والشركات المسؤولية.

من أسطورة تمليح الرومان لحقول قرطاج، إلى حرق العراق لآبار النفط في الكويت، وتجريف إسرائيل لبساتين الزيتون الفلسطينية، لطالما استُخدم تدمير البيئة كتكتيك عسكري عبر العصور.

ورغم محاسبة الجيوش وقادتها على الضحايا من البشر نتيجة أعمالهم العنيفة، ظل العالم الطبيعي ضحية صامتة كثيرًا ما تم تجاهلها، رغم أن تدمير البيئة يؤثر ماديًا وبشكل مباشر على حياة من يعتمدون عليها.

لكن في السنوات الأخيرة، بدأت حملة عالمية للاعتراف بأن “الإبادة البيئية” — وهي عمل من أعمال العنف الذي يُقارن بالإبادة الجماعية لكن في حق البيئة — ينبغي أن تُصنَّف كجريمة بموجب القانون الدولي.

أغلبية العالم تؤيد تجريم الإبادة البيئية

ما هي الإبادة البيئية؟

يرجع مفهوم “الإبادة البيئية” إلى سبعينيات القرن الماضي، حين استخدمه لأول مرة عالم الأحياء آرثر جالستون لوصف إزالة الغابات واسعة النطاق نتيجة استخدام القوات الأمريكية لمادة “العامل البرتقالي” خلال حرب فيتنام.

ومنذ ذلك الحين، طُرح المفهوم في عدة قمم ومؤتمرات بيئية، قبل أن يختفي تدريجيًا حتى أعادت إحياءه في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين المحامية الراحلة بولي هيجينز، التي عرّفته بأنه “الضرر الواسع النطاق، أو التدمير، أو فقدان نظام بيئي في منطقة معينة، سواء نتيجة فعل بشري أو لأسباب أخرى، إلى الحد الذي يجعل التمتع السلمي للناس بذلك النظام يتضاءل أو سيتضاءل بشكل كبير”.

: الحرب على غزة تسببت في انبعاثات كربونية تتجاوز 100 دولة
: الحرب على غزة تسببت في انبعاثات كربونية تتجاوز 100 دولة

الإبادة البيئية كجريمة خامسة ضد السلام

ينص نظام روما الأساسي، الذي أسس المحكمة الجنائية الدولية، على أربع جرائم دولية: الإبادة الجماعية، الجرائم ضد الإنسانية، جرائم الحرب، وجريمة العدوان.

ويرغب نشطاء البيئة في إضافة “الإبادة البيئية” كجريمة خامسة ضد السلام، تُعنى بأخطر أشكال الإضرار بالبيئة، خصوصًا عندما يكون ذلك على نطاق صناعي واسع، وتستهدف تحميل المسؤولية لصناع القرار الكبار.

هل الإضرار البيئي جريمة بالفعل؟

في السياق الحربي، نعم، إذ تنص المادة 8(2)(ب)(4) من نظام روما الأساسي على أن “شن هجوم مع العلم بأنه سيتسبب في أضرار واسعة النطاق وطويلة الأمد وجسيمة للبيئة الطبيعية، بما يفوق بشكل واضح الميزة العسكرية المتوقعة” يُعد جريمة.

لكن حتى الآن، لم تُوجّه أي اتهامات استنادًا إلى هذا البند، ويرجع ذلك – كما يرى الخبراء – إلى الشروط الصارمة جدًا التي تضعها المادة، والتي تتطلب أن يكون الضرر “متعمدًا، وواسع النطاق، وطويل الأمد، وجسيمًا” في الوقت نفسه.

ما الجديد في الاقتراح؟

يسعى المقترح الجديد إلى تخفيض هذا “العتبة القانونية”، ليُصبح كالتالي: “الأفعال غير القانونية أو المتعمدة، مع العلم باحتمال كبير لوقوع ضرر جسيم وواسع النطاق أو طويل الأمد على البيئة”.

ويُراد من هذا التعديل محاسبة الدول أو الشركات على تدمير البيئة، حتى خارج سياق الحروب، أي في حالات التلويث الصناعي أو مشاريع التعدين الجائرة أو إزالة الغابات، وغير ذلك.

وفي أوقات النزاع المسلح، يوفّر هذا المقترح أداة قانونية أوضح للمقاضاة، وفقًا لجوجو ميهتا، الرئيس التنفيذي لمنظمة Stop Ecocide International، التي تقول إن القانون الجديد “سيوفر وسيلة واضحة للتقاضي في أوقات الحرب”.

ما هي الإجراءات القانونية المطلوبة؟

تنظر المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي القضايا بموجب نظام روما، إما من خلال قرار صادر عن مجلس الأمن الدولي، أو من خلال طلبات مقدمة من دول أو أفراد إلى المدعي العام للمحكمة لبدء تحقيق رسمي.

مع ذلك، فالمحكمة الجنائية الدولية هي ملاذ أخير، ما يعني أن المتضررين يجب أن يستنفدوا جميع الوسائل القضائية المحلية قبل اللجوء إليها.

وهذا ما يحدث حاليًا في أوكرانيا، حيث يستخدم الادعاء العام المحاكم المحلية لملاحقة المسؤولين عن الأضرار البيئية الجسيمة الناتجة عن الغزو الروسي.

أثار الحرب في أوكرانيا
أثار الحرب في أوكرانيا

ما العقبات التي تعترض الاعتراف بالإبادة البيئية؟

يقول ميهتا إن إدراج هذه الجريمة في نظام روما كان ممكنًا في تسعينيات القرن الماضي، لكن لم يُدرج حينها.

أما حاليًا، فقد أدت حرب روسيا على أوكرانيا إلى تجديد الاهتمام العالمي بالمفهوم، خاصة مع الدمار البيئي واسع النطاق الناتج عنها.

وبموازاة ذلك، وضعت لجنة مستقلة من الخبراء القانونيين – بتكليف من منظمة “أوقفوا الإبادة البيئية” – تعريفًا قانونيًا دوليًا للمصطلح، استوحت منه عدة دول قوانين وطنية مماثلة.

وبحسب ميهتا، هناك الآن ما لا يقل عن تسعة أو عشرة مقترحات قيد الدراسة حول العالم، وبعضها مطبق فعليًا كما في بلجيكا وفرنسا.

كما أقر الاتحاد الأوروبي توجيهًا بيئيًا جديدًا، وعلى الرغم من أن مصطلح “الإبادة البيئية” ورد فقط في ديباجته، فإن التوجيه يمنح حماية قوية للبيئة على الدول الأعضاء الالتزام بها.

العقبة الأهم الآن، بحسب ميهتا، هي توعية الجمهور العام بأهمية الاعتراف بهذه الجريمة.

تدمير النظام البيئي

من يدعمها ومن يعارضها؟

لا ترغب أي حكومة اليوم في أن تظهر معارضة علنية لهذا المقترح، كي لا تبدو وكأنها تبرّر تدمير البيئة. لذا تلجأ بعض الدول إلى محاولة تخفيف القانون أو الإدعاء بأن لديها تشريعات كافية أصلًا.

في المقابل، فإن الدول الداعمة للمقترح بقوة هي تلك التي تعاني فعليًا من دمار بيئي جسيم، مثل:

  • أوكرانيا: المتضررة من الحرب الروسية.

  • دول جزرية صغيرة: مثل فانواتو، فيجي، وساموا، التي تواجه خطر ارتفاع منسوب البحار.

  • جمهورية الكونغو الديمقراطية: التي تخوض معركة لحماية تنوعها البيولوجي الغني.

No comments:

Post a Comment