الأراضي المقدسة الخضراء / GHLands
حذّرت بلدية غزة، اليوم الجمعة، من تفاقم الكارثة الإنسانية في المدينة في ظل استمرار أزمة النزوح الحاد ونقص الوقود والموارد، مؤكدة أن الوضع الحالي يهدد بانهيار الخدمات الأساسية ويزيد من المخاطر الصحية والبيئية على نحو غير مسبوق.
وأوضحت البلدية أن استمرار تدفق النازحين إلى مدينة غزة، خاصة من شمال القطاع والأحياء الشرقية، أدى إلى ارتفاع عدد السكان بنسبة تقارب 50%، ليصل إلى نحو 1.2 مليون نسمة، وهو ما فاقم الضغط على البنية التحتية والخدمات المنهكة أصلًا بسبب الحصار والعدوان.
وفي ظل هذا الواقع، اضطرّت البلدية إلى تقليص عدد كبير من الخدمات الحيوية، وعلى رأسها جمع النفايات ومعالجة المياه العادمة، بسبب نفاد الوقود وعدم توفر الإمكانيات التشغيلية، ما أسهم في انتشار التلوث وزيادة المخاطر البيئية.
وأكدت أن الأولوية حاليًا تُعطى لتشغيل آبار ومحطات المياه، نظرًا للحاجة الماسة إليها في ظل النزوح الجماعي وازدياد أعداد السكان، مشيرة إلى أن الكميات المتاحة حاليًا لا تكفي لتغطية الحد الأدنى من الاحتياجات.
كما ناشدت البلدية المنظمات الدولية والجهات المانحة بالتدخل العاجل لتوفير الوقود والمعدات اللازمة، محذّرة من أن استمرار الوضع على حاله ينذر بـانفجار صحي وبيئي، خاصة مع تكدّس النفايات في الأحياء المكتظة وانتشار الأمراض المعدية.
وفي السياق الدولي، أعرب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، عن قلق الأمين العام أنطونيو غوتيريش الشديد إزاء تدهور الأوضاع في غزة، مؤكدًا أن الأخير يشعر بـ"استياء بالغ" إزاء تفاقم الأزمة الإنسانية، ويدعو إلى حماية المدنيين وتلبية احتياجاتهم الأساسية على الفور.
ويأتي ذلك وسط تنديد متواصل من منظمات أممية وحقوقية بما يسمى "مصايد الموت"، التي يتعرّض لها المدنيون الفلسطينيون أثناء انتظارهم المساعدات، في مشاهد توثّق حجم المعاناة وانعدام الأمان حتى في لحظات البحث عن لقمة العيش.
فخ قاتل تحت غطاء الإغاثة
في ظل اشتداد الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، تتزايد الاتهامات الدولية لما يُعرف بـ"مؤسسة غزة الإنسانية"، والتي يُزعم أنها مبادرة لتقديم المساعدات، لكنها باتت تُوصف من قبل جهات أممية وحقوقية بأنها "فخ للقتل" وساحة لانتهاكات مروّعة بحق المدنيين الفلسطينيين.
المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالأراضي الفلسطينية المحتلة، فرانشيسكا ألبانيزي، وصفت المؤسسة بأنها "مصممة لتكون فخًا للقتل"، واعتبرتها من أكثر الأدوات سادية في تعاملها مع الوضع الإنساني في غزة. تصريحها هذا يعكس حالة الغضب والقلق الدولي المتزايد حيال ما يجري على الأرض.
في السياق نفسه، أكدت منظمة العفو الدولية أن ما يُعرف بنظام توزيع المساعدات عبر البنية العسكرية القائمة في غزة، يمثل "نظامًا قاتلًا"، مستندة في ذلك إلى شهادات سكان محليين وثّقوا تعرضهم للعنف أثناء محاولتهم الوصول إلى المساعدات.
أما وكالة أسوشيتد برس، فكشفت في تحقيق خاص أن متعاقدين أميركيين مكلفين بحماية مواقع توزيع المساعدات، استخدموا الذخيرة الحية وقنابل الصوت ضد مدنيين فلسطينيين جوعى، مما تسبب بسقوط ضحايا وإصابات، في مشاهد تُظهر استخدام القوة الفتاكة في أماكن من المفترض أن تكون ملاذًا إنسانيًا.
ردًا على هذه التطورات، أطلقت 171 منظمة إغاثة دولية دعوة جماعية لإغلاق "مؤسسة غزة الإنسانية"، مشيرة إلى أنها لم تعد تقوم بدور إغاثي حقيقي، بل باتت تشكل خطرًا مباشرًا على حياة المدنيين.
في المقابل، يواصل برنامج الأغذية العالمي ووكالات أممية أخرى التحذير من أن نافذة درء المجاعة في غزة تقترب من الإغلاق التام، ما يُنذر بكارثة إنسانية واسعة النطاق، خاصة مع تواصل الحصار والانهيار الكامل لمنظومات الحياة.
اتهامات ما بين النفي و التحقيق بها ..
في ردّها على التحقيق الذي نشرته وكالة أسوشيتد برس، نفت ما تُعرف بـ"مؤسسة غزة الإنسانية" ما ورد من اتهامات بشأن استخدام القوة المفرطة ضد المدنيين الفلسطينيين أثناء توزيع المساعدات، مؤكدة أنها فتحت تحقيقًا داخليًا خلُص إلى تكذيب الادعاءات الواردة في التقرير.
إلا أن التحقيق الصحفي، الذي استند إلى روايات شهود ومقاطع فيديو موثقة، أشار إلى أن متعاقدين أميركيين وحراس أمن أطلقوا الذخيرة الحية وقنابل الصوت لتفريق حشود من الفلسطينيين المجوعين أثناء محاولاتهم الوصول إلى مساعدات غذائية.
ومع تجاوز عدد ضحايا "مصايد المساعدات" 600 قتيل، تعيد شهادات الناجين من هذه المذابح رسم مشاهد الرعب، حيث تحوّلت نقاط توزيع الإغاثة، وفق تعبير الأمم المتحدة، إلى "مصايد موت" بدلًا من أن تكون ملاذًا آمِنًا في خضم المجاعة المتفاقمة.
وفي الخلفية، تستمر الحرب الإسرائيلية المستعرة على قطاع غزة، التي بدأت في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، والتي تُوصف على نطاق واسع بأنها حرب إبادة جماعية تستهدف الإنسان والأرض، من خلال القتل والتجويع والتدمير المنهجي والتهجير القسري، وسط تجاهل تام للنداءات الدولية المتكررة ولأوامر محكمة العدل الدولية بوقف العدوان.
وبحسب التقديرات، فقد أسفرت هذه الحرب، المدعومة أميركيًا، عن أكثر من 192 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، غالبيتهم من النساء والأطفال، فضلًا عن أكثر من 10 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين، في ظل مجاعة مستشرية حصدت أرواح العديد من المدنيين، بينهم عدد كبير من الأطفال.
No comments:
Post a Comment