???????

Thursday, July 24, 2025

كنيسة بئر يعقوب

 الأراضي المقدسة الخضراء / GHLands



قع دير بئر يعقوب شرق مدينة نابلس، ويُعد من أبرز المواقع الأثرية والدينية في فلسطين، إذ يجمع بين عمق التاريخ وقدسية المكان، ويستقطب زوّارًا من مختلف أنحاء العالم، لما يحمله من رمزية دينية في الديانتين المسيحية والإسلامية.

يشير إياد ذوقان، مدير حماية آثار نابلس، إلى أن البئر الذي يقع داخل الدير يرتبط بالنبي يعقوب عليه السلام، وله مكانة خاصة في الروايات الدينية، إذ يُعتقد أن النبي شرب منه، وأن السيد المسيح التقى عنده بالمرأة السامرية، ما منحه بُعدًا روحانيًا كبيرًا وكرّسه كمحطة حجّ عبر العصور.

الدير محاط بمعالم نابلسية بارزة، حيث يقع بالقرب من شارع بلاطة، ويفصله عن مخيم بلاطة من الجنوب، وتجاوره قرية بلاطة البلد من الغرب، بينما تطل عليه المدينة الصناعية من الشمال.

ويصنف الموقع كدير وكنيسة تحت إشراف بطريركية الروم الأرثوذكس، التي تفتح أبوابه للزائرين دون فرض رسوم دخول أو شروط على اللباس، ما يسهم في زيادة الإقبال عليه كموقع ديني وسياحي في آن.

تاريخ طويل من الدمار والبناء

يعود تأسيس الكنيسة الأصلية إلى القرن الرابع الميلادي، في فترة تبنّي الإمبراطور قسطنطين المسيحية كدين رسمي للإمبراطورية الرومانية. ويُعتقد أن والدته، الإمبراطورة هيلانة، أمرت ببناء الكنيسة على الموقع المقدس للبئر، ضمن سلسلة من الكنائس التي أقيمت على خطى المسيح.

لكن الكنيسة لم تنجُ من تقلبات الزمن؛ فخلال ثورة السامريين ضد الحكم البيزنطي عام 484 ميلادي، تعرّضت للدمار، ثم أعاد الإمبراطور جوستنيان تشييدها عام 529 ميلادي. ووفقاً للوثائق، تعرض الموقع مرة أخرى للهدم إثر زلزال ضرب المنطقة في نهاية القرن السابع.

وخلال الحقبة الصليبية، أعيد بناء الكنيسة على نطاق أضيق، ورغم ما حل بها من دمار لاحقًا، بقي المكان محجًا للحجاج المسيحيين، وظل البئر محافظًا على حالته الأصلية، يتدفق بالماء من عمق 40 مترًا حتى اليوم.

إحياء الكنيسة في العصر الحديث

في عام 1860، اشترت بطريركية الروم الأرثوذكس الموقع وما يحيط به من أراضٍ، إلا أن إعادة البناء تأخرت بسبب اندلاع الحرب العالمية الأولى. ولم يُستكمل البناء إلا في أواخر ثمانينيات القرن العشرين، حين أشرف الأب يوستينوس على تشييد الكنيسة بشكلها الحالي، وأعيد تفعيل الصلوات فيها، لتتحول إلى وجهة روحية وسياحية مميزة.

ويقول ذوقان إن الكنيسة تحتفظ ببعض الرموز الأثرية ذات القيمة الدينية الكبيرة، منها جرة الماء التي قيل إن المرأة السامرية استخدمتها، وهي معروضة داخل صندوق زجاجي، بالإضافة إلى جزء من جمجمة القديسة فوتيني، ما يزيد من خصوصية هذا المعلم لدى الزائرين.

الكنيسة اليوم تزهو بجمالها المعماري وزخارفها الدينية، التي تروي قصة امتداد تاريخي وثقافي وحضاري عبر القرون، وتُعد شاهدة على تعدّد الحضارات التي مرت بالمنطقة. كما أن بئر يعقوب، والأرضيات الفسيفسائية، وأساسات الكنيسة البيزنطية المكتشفة، تشكّل مصدرًا غنيًا للمعلومات حول الحياة القديمة والعادات الدينية والاجتماعية في نابلس وضواحيها.














No comments:

Post a Comment