الأراضي المقدسة الخضراء / GHLands
مع التحولات المناخية الجذرية التي يشهدها كوكب الأرض، يتزايد خطر انتشار الأمراض المعدية المرتبطة بالتغيرات البيئية مثل إزالة الغابات، التلوث، ارتفاع درجات الحرارة، والطقس المتطرف. وتُعد الأمراض الحيوانية المنشأ، والفيروسات المنقولة بواسطة النواقل (كالقراد والبعوض)، من أبرز مصادر القلق الصحي عالميًا.
فقد أظهرت دراسة لباحثين من بولندا وفرنسا عام 2018 أن إزالة الغابات في جنوب شرق آسيا قد ساهمت في اقتراب مستعمرات الخفافيش الحاملة لفيروسات خطيرة – مثل كورونا المستجد – من أماكن سكن البشر، ما زاد احتمالية انتقال العدوى. هذا النمط سبق أن ظهر مع أمراض خطيرة كـ الإيدز (HIV) الذي انتقل من الرئيسيات الأفريقية، وإيبولا الذي يرجح أنه انتقل من خفافيش الفاكهة.
دور إزالة الغابات في تفشي الأمراض
إزالة الغابات لا تؤدي فقط إلى فقدان المواطن الطبيعية للحيوانات، بل تغيّر أيضًا من توزيعها ووفرتها، ما يقربها من الإنسان. كما تؤثر بشكل مباشر على انتشار الأمراض التي تنقلها النواقل:
-
مثل الملاريا وحمى الضنك وزيكا وشيكونغونيا.
-
دراسة شملت 87 نوعًا من البعوض في 12 دولة أظهرت أن 52.9% منها ازداد انتشارها مع تراجع الغابات، بما فيها الأنواع الناقلة للأمراض البشرية.
العوامل البشرية الأخرى، مثل إنشاء المسطحات المائية الصناعية أو تربية الحيوانات الزراعية، توفر للنواقل بيئات مثالية للتكاثر.
فقدان التنوع البيولوجي والمخاطر المناخية
فقدان الغابات يرافقه فقدان للتنوع البيولوجي، ما يرفع خطر انتشار أمراض مثل لايم وفيروس غرب النيل.
كما تؤكد الدراسات أن تغير المناخ – من حرارة وأمطار ورطوبة ورياح – يضاعف من قدرة النواقل على البقاء ونقل العدوى. على سبيل المثال:
-
الملاريا وصلت إلى ارتفاعات أعلى في إثيوبيا وكولومبيا خلال السنوات الأكثر حرارة.
-
بعوضة الزاعجة البيضاء، الناقلة لحمى الضنك وشيكونغونيا، استوطنت 13 دولة أوروبية عام 2023، مقارنة بـ8 فقط عام 2013.
-
التقديرات تشير إلى أن 2.25 مليار شخص إضافي قد يصبحون عرضة للإصابة بحمى الضنك بحلول عام 2080.
الأمراض المرتبطة بالأحداث المناخية المتطرفة
الأعاصير والفيضانات والعواصف تساهم في نشر مسببات الأمراض عبر المياه وإضعاف شبكات الصرف الصحي. كما تُهيئ ارتفاع حرارة البحار بيئة مناسبة لنمو بكتيريا خطيرة مثل ضمة الكوليرا التي قد تؤدي إلى أوبئة واسعة.
الحاجة إلى استجابة عالمية
تشير الدراسات إلى أن فهم العلاقة بين التغيرات البيئية وانتشار الأمراض المعدية أمر أساسي لضمان الأمن الصحي في المستقبل. ولا يمكن مواجهة هذه التهديدات إلا عبر تعاون دولي يجمع بين السياسات البيئية والصحية لمواجهة التداعيات المترتبة على تغير المناخ.
No comments:
Post a Comment