???????

Thursday, August 28, 2025

الجفاف الكبير قادم…

 الأراضي المقدسة الخضراء / GHLands



في منتصف القرن الحادي والعشرين، على بعد عشرين عاما فقط من الآن، تلوح في الأفق بوادر جفاف غير مسبوق يهدد منطقة البحر المتوسط.

كشفت دراسة علمية حديثة، نُشرت في مجلة “ابحث المحيطات والأرض والغلاف الجوي” ( اولار) في حزيران 2025، أن منطقة وسط البحر المتوسط ستواجه فترة جفاف طويلة من عام 2045 إلى 2054.

وحسب نتائج هذه الدراسة، فإن مرحلة أكثر رطوبة تلي فترة الجفاف، مما يجعل التذبذب بين الجفاف والأمطار الغزيرة سمة رئيسية لتغير المناخ في المنطقة. 

هذه التنبؤات تثير قلقا كبيرا بشأن الزراعة، والموارد المائية، والاقتصاد في دول مثل إيطاليا، اليونان، إسبانيا، وشمال إفريقيا. الدراسة، التي تحمل عنوان “التذبذبات المستمرة في التنبؤ العقدي لمراحل الرطوبة والجفاف في وسط البحر المتوسط”، أجراها فريق دولي بقيادة نازارينو ديوداتو من مرصد الأرصاد الأوروبية البحثية التابع للشركة الجامعية لأبحاث الغلاف الجوي في الولايات المتحدة، وجاني بيلوكي من جامعة كليرمون أوفيرني في فرنسا، وراجيب مايتي من المعهد الهندي للتكنولوجيا (خاراجبور) في الهند. 

ومجلة أبحاث المحيطات واليابسة والغلاف الجوي (اولار) هي مجلة علمية مفتوحة الوصول تُصدر بالتعاون مع مختبر علوم وهندسة البحار الجنوبية  تحت مظلة برنامج مجلات الشراكة العلمية  التابع للجمعية الأمريكية لتقدم العلوم . 

تركز المجلة على نشر أبحاث مبتكرة تقنيا في مجالات الدراسات البحرية، والبرية، والجوية، والتفاعلات بين هذه الأنظمة. 

وتهدف إلى تعزيز فهم التفاعلات بين المحيطات واليابسة والغلاف الجوي لدعم إدارة المحيطات وحمايتها، مع التركيز على العلوم الأساسية في الفيزياء، الكيمياء، البيولوجيا، والجيولوجيا، بالإضافة إلى الأبحاث التطبيقية في مراقبة المحيطات، حماية البيئة، واستغلال الموارد.

وتعكس نتائج هذه الدراسة فهما للتحديات المناخية الإقليمية باستخدام نموذج مبتكر يعتمد على البيانات لتحسين دقة التنبؤات.

تُعد منطقة البحر المتوسط واحدة من أكثر المناطق حساسية لتغير المناخ، وفقاً لتقارير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ. تشير التقارير إلى أن المنطقة معرضة لزيادة الجفاف، والحرارة الشديدة، والفيضانات، مما يهدد التنوع البيولوجي والاقتصادات المحلية.

 وتتوقع دراسات حديثة انخفاض هطول الأمطار الشتوية بنسبة 20-30% بحلول نهاية القرن، مع زيادة في شدة العواصف الصيفية. 

وشهدت المنطقة بالفعل جفافا قياسيا في 2022-2023 بإسبانيا وإيطاليا، وانخفضت مستويات الأنهار والبحيرات، مما تسبب في خسائر زراعية بمليارات اليورو.

 وحذر تقرير صادر عن شركة “ماكنزي” عام 2020 من فقدان المنطقة لطابعها المناخي المتوسطي التقليدي بسبب التقلبات الهيدرولوجية المتزايدة. 

كما أشارت دراسة في مجلة “نيتشر” عام 2023 إلى أن الجفاف سيكون أطول وأشد في الأجزاء الجنوبية والشرقية.

اعتمدت الدراسة على نموذج “مدفوع بالبيانات مع بيانات خارجية”، الذي يدمج القوى المناخية الكبيرة مع بيانات ضغط مستوى سطح البحر الإقليمية.

 قال  ديوداتو “لقد دمجنا القوى المناخية مع استخدام نموذج مدفوع بالبيانات مع بيانات خارجية.”

 واستخدمت بيانات تاريخية منذ عام 1884، وحللت باستخدام مؤشر الهطول المعياري لتتبع الظروف الرطبة أو الجافة على مدى ستة أشهر. 

وتم تدريب النموذج واختباره باستخدام بيانات من 1993 إلى 2022، محققاً معامل ارتباط 0.58 وخطأ جذر متوسط مربع 0.621، مما يعكس دقة جيدة.

 يُعتبر هذا النموذج بديلا أبسط لنماذج الدوران العام العالمية، كما أوضح  مايتي “يقدم نهجنا منهجية أبسط وبديلاً مكملا لنماذج الدوران العام العالمية التقليدية.”

إلى جانب الجفاف المتوقع (2045-2054)، أظهرت الدراسة أن التذبذبات بين الجفاف والرطوبة ستكون السمة المهيمنة. 

هذه النتائج مدعومة ببيانات تاريخية تُظهر أنماطا مشابهة، لكنها تتكثف مع الاحترار العالمي. 

نجح النموذج في التقاط اتجاهات سابقة، مثل جفاف التسعينيات ورطوبة العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

 دراسات أخرى، مثل تلك في مجلة “وايلي” تموز/ 2025، أكدت انخفاض هطول الأمطار الشتوية بناء على نماذج مشروع مقارنة النماذج المقترنة.

 كما حذر تقرير “نيتشر” يوليو 2025 من مخاطر على النظم البحرية والساحلية بسبب الاحترار والجفاف.

وستكون لهذه التغييرات تداعيات كبيرة.

 ففي إيطاليا، قد يؤدي الجفاف إلى انخفاض إنتاج الزيتون والعنب، مما يهدد 10% من الناتج المحلي الإجمالي الزراعي.

 في اليونان وإسبانيا، يزداد تهديد الفيضانات السياحة الساحلية، مع أضرار محتملة في البنية التحتية بسبب الانهيارات الأرضية.

 وفي شمال إفريقيا، مثل تونس والمغرب، سيفاقم الجفاف مشكلات الأمن الغذائي، حيث يعتمد 70% من السكان على الزراعة المطرية. 

 والحرائق الغابية، كما حدث في اليونان عام 2021، ستزداد، مما يزيد من الخسائر البشرية والاقتصادية. 

ودعا تقرير المعهد الأوروبي للمتوسط /تشرين ثاني 2024 إلى سياسات مناخية خاصة بالمتوسط في مؤتمرات مثل مؤتمر الأطراف.

ويشدد الباحثون على الحاجة إلى استراتيجيات تكيفية. 

قال بيلوكي “نأمل أن يؤدي عملنا إلى تخطيط أكثر فعالية للصمود واستراتيجيات إدارة مستدامة للمياه في المناطق مثل المتوسط” ويخطط الفريق لتوسيع النموذج ودمج بيانات أكثر تنوعاً باستخدام التعلم الآلي. 

واوصى خبراء الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ باستثمارات في البنية التحتية، مثل السدود ونظم الري، وتطوير محاصيل مقاومة للجفاف.

واكدت  دراسة “وايلي” اذار 2025  أن العواصف أصبحت أكثر شدة بسبب الاحترار.

توفر هذه الدراسة رؤية حاسمة لمستقبل المناخ في المتوسط، لكنها تدعو الى الحاجة إلى تحرك عاجل. 

نقلاً عن موقع سوسنة

No comments:

Post a Comment