???????

Wednesday, September 10, 2025

البحر المتوسط يسخن أسرع من المحيطات ويواجه مخاطر بيئية جسيمة

 الأراضي المقدسة الخضراء / GHLands



البحر المتوسط يسخن أسرع من المحيطات

تشهد مياه البحر المتوسط ارتفاعًا غير مسبوق في درجات الحرارة، حيث سجّلت في يوليو 2025 متوسطًا بلغ 26.9 درجة مئوية، وهو الأعلى منذ بدء القياسات، وفق بيانات خدمة كوبرنيكوس الأوروبية.

وفي بعض المناطق مثل اليونان وإيطاليا وإسبانيا وصلت الحرارة إلى 28 درجة مئوية وأكثر، ما حوّل البحر إلى “حوض دافئ” بدلًا من كونه ملاذًا منعشًا للسياح.

ويؤكد العلماء أن هذا الاحترار يتسارع بوتيرة أعلى من المحيطات المفتوحة، بسبب الطبيعة شبه المغلقة للبحر المتوسط واتصاله المحدود بالمحيط الأطلسي عبر مضيق جبل طارق.

دراسة شاملة تكشف حجم التهديدات

أجرى مركز “جيومار” Helmholtz لأبحاث المحيطات في كيل، بالتعاون مع جامعة أنجيه الفرنسية، تحليلًا ميتا شمل 131 دراسة علمية حول تأثيرات التغير المناخي في البحر المتوسط. ونُشرت النتائج في دورية Scientific Reports.

وابتكر الفريق البحثي، بقيادة الدكتور عبد الرحمن حسّون والبروفيسورة مريم مجتهد، أول “مخطط جمر متوهج” مخصص للبحر المتوسط، وهو أداة تقييم للمخاطر طوّرها الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ (IPCC). ويُظهر المخطط بوضوح أن النظم البيئية البحرية والساحلية تواجه تهديدات متزايدة مع كل عُشر درجة إضافي من الاحترار.

المواقع الجغرافية للدراسات التي تم أخذها في الاعتبار في تقييم المخاطر

 كل عُشر درجة له ثمن

اعتمدت الدراسة على سيناريوهين من مسارات الانبعاثات التي حددها IPCC:

  • السيناريو المتوسط (RCP 4.5): استقرار الانبعاثات بفضل سياسات مناخية معتدلة، لكن مع زيادة حرارة البحر المتوسط بما بين 0.6 و1.3 درجة مئوية بحلول عامي 2050 و2100.

  • السيناريو المرتفع (RCP 8.5): استمرار الانبعاثات بلا قيود، ما يؤدي إلى ارتفاع إضافي بين 2.7 و3.8 درجة مئوية خلال الفترة نفسها.

وفي الحالتين، تُظهر النتائج أن النظم البيئية لن تسلم من الأضرار، إذ تزداد المخاطر تدريجيًا حتى مع ارتفاعات طفيفة.

رسم تخطيطي للعوامل الرئيسية المُخصصة لتقييم مخاطر الجمر المشتعل لكل موطن في النظم البيئية البحرية

آثار مباشرة على النظم البحرية

  • الأعشاب البحرية: مروج Posidonia oceanica مهددة بالانقراض الكامل بحلول 2100 مع +0.8 درجة إضافية.

  • الطحالب: تراجع الأنواع الأصلية مثل Cystoseira مقابل انتشار الطحالب الغازية المحبة للحرارة.

  • الأسماك: تقلص المخزونات بنسبة 30–40% مع تحرك الأنواع شمالًا وظهور أسماك دخيلة مثل الأسد السمكي.

  • الشعاب المرجانية: رغم مرونتها النسبية، إلا أنها تواجه مخاطر متوسطة إلى مرتفعة بدءًا من +3.1 درجة.

  • العوالق والكائنات الدقيقة: تغيّر المجتمعات البحرية وارتفاع تواتر المد الأحمر والطحالب السامة.

مخطط سير العمل يُلخص المنهج المنهجي المُتبع، بدءًا من تقييم الأدبيات

النظم الساحلية الأكثر هشاشة

الاحترار وارتفاع مستوى البحر يهددان بشكل مباشر:

  • الشواطئ والكثبان الرملية: فقدان مساحات واسعة وزيادة التعرية.

  • مواقع تعشيش السلاحف: أكثر من 60% منها مهددة بالزوال.

  • المسطحات الساحلية (مستنقعات، بحيرات، دلتا): تغيّرات نباتية واسعة النطاق وانتشار الأنواع الغازية.

  • المياه الجوفية الساحلية: خطر التملّح ونقص الموارد العذبة.

مختبر طبيعي وإنذار عالمي

يصف العلماء البحر المتوسط بأنه “بؤرة ساخنة للتغير المناخي”، و”مختبر طبيعي” يرصد تأثيرات الاحترار بشكل أسرع من المحيطات. وما يحدث هنا يُعد إنذارًا مبكرًا لبقية مناطق العالم.

ويؤكد الدكتور حسّون: “القرارات السياسية اليوم ستحدد إن كانت النظم البيئية ستنهار كليًا أو تظل قادرة على الاستمرار. كل عُشر درجة له أثر حاسم”.

النظم البيئية البحرية والساحلية المفتوحة المختلفة التي قمنا بتقييم مستويات المخاطر

فجوات بحثية وتحديات علمية

رغم التقدم، تظل هناك فجوات في فهم المخاطر:

  • نقص الدراسات حول النظم العميقة والمسطحات الملحية والأنواع الكبرى.

  • ضعف التغطية الجغرافية خصوصًا في جنوب وشرق المتوسط.

  • محدودية الرصد طويل الأمد الذي يجمع بين الضغوط المتعددة مثل التلوث والأنواع الغازية.

ويشدد الباحثون على ضرورة تعزيز التعاون العلمي وتوسيع شبكات المراقبة لمعالجة هذه الفجوات.

الخلاصة

تكشف الدراسة أن التغير المناخي لم يعد تهديدًا مستقبليًا، بل واقعًا يضرب النظم البيئية في البحر المتوسط اليوم.

وإذا كان بالإمكان إبطاء بعض التغيرات عبر سياسات مناخية صارمة، فإن الوقت يضيق، والرسالة واضحة: كل عُشر درجة من الاحترار يصنع فرقًا بين بقاء النظم البيئية أو انهيارها. نقلا عن موقع المستقبل الأخضر 


No comments:

Post a Comment