الهالوك: العدو الخفي للمحاصيل البقولية والزيتية وكيفية الوقاية منه بفعالية

الأراضي المقدسة الخضراء / GHLands

 يُعتبر الهالوك (Orobanche spp.) من أخطر الطفيليات النباتية التي تهدد الإنتاج الزراعي، يتواجد طفيل الهالوك في فلسطين وهو واسع الانتشار حيث يهاجم المحاصيل البقولية والزيتية مثل الفول البلدي والطماطم وعباد الشمس، مسبّبًا خسائر قد تصل إلى أكثر من 80% في الأراضي الموبوءة. ورغم صعوبة مقاومته، أكدت الدراسات الحديثة أن القضاء عليه ممكن علميًا وعمليًا عند تطبيق منظومة متكاملة من الإجراءات تبدأ باختيار التقاوي وتنتهي بالممارسات الزراعية الدقيقة.

أولًا: التعرف على طبيعة العدو

الهالوك نبات عديم الكلوروفيل، أي لا يقوم بعملية التمثيل الضوئي، بل يعيش طفيليًا على جذور النباتات الأخرى. تنتج كل نبتة منه بين 100 ألف و500 ألف بذرة صغيرة جدًا (0.2 ملم)، قادرة على البقاء حية في التربة بين 10 و20 عامًا في حالة السكون، مما يجعل مكافحته عملية طويلة المدى إذا لم تبدأ بالوقاية المبكرة.

ثانيًا: طرق دخول الهالوك إلى الأرض

1. التقاوي الملوثة: تعتبر أخطر وسيلة لنقل البذور.

2. المياه السطحية والري بالغمر: تنقل البذور لمسافات كبيرة.

3. الآلات الزراعية والأسمدة البلدية: خاصة القادمة من حقول موبوءة.

4. الرياح والعواصف الترابية: تنقل البذور الخفيفة لمسافات تصل إلى مئات الأمتار.

ثالثًا: استراتيجية الإدارة المتكاملة للوقاية

توصي مراكز البحوث الزراعية والمنظمة العربية للتنمية الزراعية باتباع حزمة من الإجراءات الوقائية والإدارية المتكاملة:

1. استخدام أصناف مقاومة
اختيار أصناف موصى بها مثل “جيزة 843” للفول البلدي و”سوبر جولد” لعباد الشمس، والتي تؤخر أو تمنع التحام الهالوك بجذور النباتات بفضل إفرازاتها الجذرية.

2. الزراعة في أراضٍ نظيفة

• إجراء تحليل للتربة قبل الزراعة.

• تجنب زراعة المحاصيل الحساسة للهالوك بشكل متكرر في نفس الأرض.

3. المكافحة الزراعية (الدورة المحصولية)

• زراعة محاصيل غير عائلة مثل الذرة أو الأرز أو القطن لمدة موسمين متتاليين لتقليل قدرة بذور الهالوك على الإنبات.

• استخدام نباتات فخية (مثل العدس أو الكتان) لتحفيز إنبات الهالوك دون السماح له بالاتصال بالجذور، مما يؤدي إلى موته قبل الظهور على السطح.

4. إدارة التربة للتحكم في الإنبات

• الحرث العميق يقلل تعرض البذور للطبقة السطحية الملائمة للإنبات.

• التعقيم الشمسي للتربة باستخدام البلاستيك الشفاف لمدة 6 أسابيع في الصيف يقضي على البذور الكامنة.

5. المكافحة الحيوية
أظهرت الدراسات نجاح الفطر Fusarium oxysporum في القضاء على بذور الهالوك وتقليل الإصابات بنسبة تفوق 70%. كما تم تجربة أنواع من البكتيريا المفيدة التي تفرز إنزيمات تذيب جدار البذور الطفيلية.

6. المبيدات الانتقائية الحديثة
مبيدات مثل Rimsulfuron وImazapic يمكن استخدامها بجرعات منخفضة قبل الإزهار، مع ضرورة الالتزام بالتوقيت الصحيح لتجنب التأثير على النباتات الرئيسية، تحت إشراف الإرشاد الزراعي.

رابعًا: تجارب ميدانية ناجحة

في محافظة المنيا عام 2023، طبق مركز البحوث الزراعية مشروعًا تجريبيًا على 200 فدان موبوءة بالهالوك في الفول البلدي، باستخدام برنامج متكامل يجمع بين الأصناف المقاومة والدورة الزراعية والمكافحة الحيوية، وأسفر ذلك عن انخفاض الإصابات بنسبة 95% خلال موسمين متتاليين.

خامسًا: توصيات نهائية للمزارعين

• استخدام تقاوي وأسمدة موثوقة المصدر فقط.

• الحرث العميق بعد الحصاد وحرق بقايا النباتات المصابة.

• الالتزام بالدورة الزراعية والانتظار عامين على الأقل قبل إعادة زراعة المحاصيل الحساسة بعد القضاء على الهالوك.

• التعاون مع الإرشاد الزراعي لرصد أي بؤر جديدة في وقت مبكر.