نحو بيئة نظيفة وجميلة

test

أحدث المقالات

شركة كسابري للتجارة و الصناعة

شبكة صبا الإعلامية

شبكة صبا الإعلامية

Friday, November 28, 2025

كيف تسهم سرقة الآثار الفلسطينية في تكريس إسرائيل لـ "هوية توراتية مزعومة"

 الأراضي المقدسة الخضراء / GHLands





في حرب أكثر شراسة وعلى جبهة أخرى من جبهات المواجهة، تعلن إسرائيل الحرب على الآثار الفلسطينية والتي تعبر عن حضارة جذورها ضاربة في أعماق التاريخ. فالمواقع الأثرية الفلسطينية ليست مجرد شواهد أثرية وتاريخية فقط، بل هي مرآة لروح المكان والإنسان الفلسطيني الذي قاوم وبقي عصياً على الخضوع والاقتلاع من أرضه، محتفظاً بالذاكرة المتمردة على النسيان والاندثار.

فبعدما أمعن الاحتلال في الإبادة الثقافية والحضارية في قطاع غزة، عمد إلى مصادرة المواقع الأثرية الفلسطينية في الضفة الغربية في محاولة لإعادة إنتاج التاريخ ومحو الارتباط الفلسطيني العريق المتجذر في هذه الأرض، فتلك الآثار تشكل شاهداً حياً على الذاكرة الجمعية للشعب الفلسطيني وتعبر عن عراقة هذا الشعب وأصالته وجذوره الممتدة في العصور الغابرة.

ففي 19 تشرين الثاني/ نوفمبر 2025، أعلنت الإدارة المدنية الإسرائيلية عن مصادرة 1800 دونم من أراضي بلدتي سبسطية وبرقة، بزعم الحفاظ على موقع سبسطية الأثري وتطويره، مضيفة أن "عملية المصادرة ستُنفذ في مناطق من الموقع الأثري تقع في المنطقة (ج)" مما يعرف بـ "يهودا والسامرة"، الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية بموجب اتفاقيات أوسلو.

وأشارت الإدارة المدنية إلى أن قرار المصادرة اتُخذ بسبب "إهمال متعمد" من أصحاب الأراضي والسلطة الفلسطينية، مؤكدة أن مسؤولين إسرائيليين أبلغوا أصحاب الأراضي ببدء العملية ونقل ملكية الأراضي المحيطة بسبسطية إلى إدارة وحدة الآثار التابعة للإدارة المدنية. وإلى أنّ تنفيذ هذه الخطوة جاء "وفقًا للقانون، كجزء من مشروع أوسع تقوده وزارة التراث، والذي يتضمن استثماراً يبلغ نحو 32 مليون شيكل لتحسين الموقع، وتحسين وصول الزوار، وتطوير المنطقة الأثرية"، وأن الاستيلاء على الأرض يساعد في تمكين "تطوير البنية التحتية للموقع، وتوسيع الحفريات الأثرية، والكشف عن نتائج تاريخية إضافية".



الاستهداف المنهجي للآثار الفلسطينية

وفقاً لمنظمة السلام الآن الإسرائيلية "بيتسيلم": فإن "مساعي الحكومة الإسرائيلية لمصادرة الأراضي وضمها لا حدود لها، وهذا جزء من جهد أوسع للسيطرة على الأرض وتوسيع المستوطنات في شمال الضفة، وموقع سبسطية هو موقع تراثي يقع داخل بلدة فلسطينية، وجزء من تاريخها وجزء من الدولة الفلسطينية المستقبلية"، مؤكدة على أن "الجشع الإسرائيلي لا يضر بملاك الأراضي فحسب، بل يضر أيضاً بآفاق حل سلمي يحفظ حقوق الشعبين وتراثهما".

1800 دونم من أراضي بلدتي سبسطية وبرقة تمت مصادرتها مؤخراً من قبل الإدارة المدنية الإسرائيلية. وذلك بحجة الحفاظ على الموقع الأثري من الإهمال. رئيس البلدية يصف هذه الخطوة بأنها اعتداء على خمسة آلاف عام من التسلسل التاريخي والحضاري والديني للبلدة

وأكدت "بيتسيلم" أن الحكومات الإسرائيلية نفذت عمليات مصادرة أراض في الضفة الغربية لتطوير الآثار خمس مرات منذ عام 1967، الأولى في العام 1982 حيث صودر دونمان من الكنيسة القديمة في أريحا، والثانية في العام 1985 حين صودر 286 دونماً من قرية سوسيا في جنوب جبل الخليل، وطُرد سكانها، ووُضع الموقع لاحقًا تحت سيطرة المجلس الإقليمي لما يعرف بمستوطنات جبل الخليل، والثالثة في العام 2020 حين صودر نحو 24 دونماً من موقعي دير قلعة ودير سمعان التابعين لبلدة كفر الديك غربي سلفيت، وأصبح الموقعان الآن داخل مستوطنتي عالي زهاف وبيدوئيل.

أما الرابعة ففي العام 2023 حين صودر 139 دونماً من موقع أرخليس في غور الأردن، والخامسة في سبسطية في أكبر عملية مصادرة للمواقع الأثرية الفلسطينية منذ العام 1967، وُتعدّ هذه المصادرة استثنائية لأنها تستهدف موقعاً أثرياً لطالما شكّل مركزاً اقتصادياً وثقافياً وسياحياً لسكان سبسطية والمناطق المحيطة بها، وكان مفتوحًا للجمهور.

وتدعي إسرائيل بأن موقع سبسطية هو عاصمة مملكة إسرائيل التوراتية، المعروفة باسم السامرة، ويحتوي على بقايا المدينة التي بناها هيرودس في القرن الأول قبل الميلاد تكريماً لأغسطس، الذي سماها سبسطية على اسمه، مستخدماً الكلمة اليونانية "سيباستوس"، التي تعني "المبجل"، ويضم الموقع آثاراً بارزة من مملكة إسرائيل ومن العصور الرومانية والبيزنطية .

احتلال متعدد الوجه

يقول رئيس بلدية سبسطية محمد عازم في حديثه لرصيف22، إن قرار قوات الاحتلال الإسرا ئيلية السيطرة على الموقع الأثري في البلدة ومصادرة 1800 دونم من أراضي بلدتي سبسطية وبرقة المحيطة بالموقع، هو اعتداء على موروث ثقافي وحضاري للشعب الفلسطيني، وهو قرار إجرامي يعتدي على خمسة آلاف عام من التسلسل التاريخي والحضاري والديني للبلدة، ويعبر عن الوجه القبيح للاحتلال والذي يسعى إلى تزوير الماضي وتشويه الحاضر وتدمير المستقبل الفلسطيني.

وشكل هذا القرار حالة من الصدمة لدى المواطنين في البلدة، وبخاصة أنه لا يستهدف آثار سبسطية وتاريخها فقط، بل يمس بملكيات خاصة بالمواطنين، وهذه الملكيات مثبتة بالوثائق الرسمية لدى المؤسسات الرسمية، لذا فللقرار تبعات اقتصادية كبيرة على الأراضي الزراعية والقطاع السياحي الذي تعتاش منه عائلات في البلدة.

ويضيف: "بلدة سبسطية تميزت بمكانتها التاريخية والحضارية، إذ تقع على مسار الحج المسيحي من القدس إلى الناصرة، وعلى مسار سكة حديد الحجاز التي تمر من منطقة المسعودية على مشارف البلدة، والتي اكتسبت أهمية كبيرة عبر 5000 عام من الحضارات والتراث إذ نشأ في البلدة الفن المعماري الذي تمثل في العشرات من المواقع الأثرية مثل المدرج الروماني، وشارع الأعمدة الروماني، وقلعة هيلاني، ومعبد أغسطس، وساحة البازليكا الفورم، وملعب سباق الخيل الروماني، والسور الروماني الذي يدور حول البلدة بطول 4 كم، وأكثر من عشر بوابات من القلاع الرومانية، وقناة المياه الرومانية، وقصر كايد العثماني، إضافة الى المكانة الدينية، إذ تحتضن كنيسة سيدنا يحيى في أعلى التلة الأثرية، ومقام سيدنا يحيى في مسجد سبسطية القديم، وكذلك المقبرة الملكية الرومانية، والكنيسة الرومانية، والمسجد العمري".

نقلا عن موقع رصيف 22

No comments:

Post a Comment

كوزمتكس مريم دعيبس

كوزمتكس مريم دعيبس
كل ما تحتاجينه في مكان واحد

Featured Post

كيف تسهم سرقة الآثار الفلسطينية في تكريس إسرائيل لـ "هوية توراتية مزعومة"

 الأراضي المقدسة الخضراء / GHLands في حرب أكثر شراسة وعلى جبهة أخرى من جبهات المواجهة، تعلن إسرائيل الحرب على الآثار الفلسطينية والتي تعبر ع...

Post Top Ad

Your Ad Spot

???????