الأراضي المقدسة الخضراء/GHL
تهدد الاعتداءات الإسرائيلية على البيئة الفلسطينية جميع جوانب الحياة، طبيعية وبشرية على حد سواء. وتعمل الإجراءات الاحتلالية الإسرائيلية على إحداث تغييرات جوهرية في المصادر الطبيعية الفلسطينية بما يلحق ضرراً فادحاً وعاجلاً بالخارطة البيئية الفلسطينية ويطال بيئات الدول العربية المجاورة أيضاً. وعلى عكس الإيقاع البطيء للتدهور البيئي العالمي فإن النظام البيئي الفلسطيني يتدهور بمعدلات قياسية، ما يجعل من إحلال البيئة في سلم أولويات مقاومة الاحتلال مهمة ضرورية وملحة.
يرصد هذا البحث أوجه العدوان الإسرائيلي على البيئة الفلسطينية من مصادرة وتجريف أراض وإزالة الغطاء النباتي وسرقة الغلاف الرملي وضخ المياه العادمة وإلقاء النفايات الصلبة والسامة والاستيلاء على المياه الجوفية والقضاء على الغابات وخلخلة الحياة الحيوانية البرية وتلويث السواحل والمسطحات المائية، ويشخص انعكاسات السلوك الاحتلالي على البيئة الفلسطينية والموارد الطبيعية، ليثبت أن السياسة الاحتلالية، بما تنطوي عليه من تدابير أمنية وعقابية ضد الشعب الفلسطيني، لا يمكن إلا أن تشكل خطراً على البيئة الفلسطينية والحياة الفلسطينية بوجه عام.
باتت المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية وقطاع غزة من أبرز مظاهر التدمير والتشويه للبيئة الفلسطينية، بل وأخطرها على الإطلاق، فالاستيطان يعني السيطرة على الأرض والموارد وهو بهذا يشكل ذروة الاحتلال وجوهر الفلسفة التي قامت عليها دولة إسرائيل.
أقامت إسرائيل عدداً كبيراً من المستوطنات انتشرت في مختلف أرجاء الضفة الغربية وقطاع غزة مع تركيزها في مناطق معينة يمكنها بسهولة من تجزئة الأراضي الفلسطينية إلى أجزاء يصعب معها التواصل الجغرافي بين التجمعات السكانية الفلسطينية تحت أي ظرف من الظروف، كما يحدث هذه الأيام.
إن انتشار أكثر من 194 مستوطنة إسرائيلية (1) على طول محاور وكتل وأحزمة استيطانية حول المدن الفلسطينية(2)، أدى إلى تدهور البيئة الفلسطينية وتجزئتها، فالمحاور الاستيطانية التي تفصل الأراضي الفلسطينية عن محيطها البيئي مثل المحور الاستيطاني في الغور الذي يفصل أراضي الغور عن باقي أراضي الضفة الغربية من جهة ويفصل الضفة الغربية عن عمقها الطبيعي شرقي نهر الأردن من جهة أخرى، والمحور الاستيطاني الممتد على طول خط الهدنة الذي يفصل بين الضفة الغربية وباقي فلسطين، وكذلك محور أريئيل "عابر السامرة" قد قسم الضفة الغربية إلى قسمين، شمالي يضم محافظات جنين، وقلقيلية، وطولكرم، ونابلس، وطوباس، وجنوبي يضم محافظات أريحا، والقدس، وبيت لحم، والخليل، فيما ستترك الكتل الاستيطانية الأخرى حول المدن الفلسطينية آثارها على التنوع الحيوي إذ تحول في كثير من الأحيان دون انتقال النباتات والحيوانات البرية وتمنعها من إتمام عملية التزاوج للتكاثر والسبب يكمن في أن إنشاء هذه المستوطنات رافقها العديد من الممارسات منها:
ـ مصادرة الأراضي وتجريفها واقتلاع الأشجار.
ـ إقامة المواقع والحواجز العسكرية.
ـ شق الطرق الالتفافية.
ـ إقامة المواقع والحواجز العسكرية.
ـ شق الطرق الالتفافية.
مصادرة الأراضي وأعمال التجريف واقتلاع الأشجار
قامت إسرائيل منذ عام 1967 بمصادرة 3,812,078 دونماً، أي ما يعادل 61.5% من مجموع مساحة الضفة الغربية وقطاع غزة، وذلك على النحو التالي:
ـ 2,840,000 دونماً في الضفة الغربية سيطرت عليها إسرائيل قبل عام 1987. (3)
ـ 46,000 دونماً في قطاع غزة سيطرت عليها إسرائيل قبل نشوء السلطة. (4)
ـ 526,098 دونماً في الضفة الغربية وقطاع غزة في الفترة من 1988- 1998. (5)
ـ 400,000 دونماً في الضفة الغربية سيطرت عليها إسرائيل عام 1999. (6)
وقد صاحب عملية المصادرات أعمال تجريف وتسوية الأرض تمهيداً لإقامة المستوطنات وشق الطرق الالتفافية حيث قامت بتجريف مساحة 874,901 دونماً لإقامة المباني السكنية للمستوطنات(7)، كما قامت بتجريف 54,200 دونم لشق الطرق الالتفافية. (8)
وقد تركت هذه الممارسات أثارها على الأبعاد البيئية المختلفة، ومن أبشع ما قامت به إسرائيل في هذا المجال تصديها للأشجار المثمرة وغير المثمرة والغابات والأحراش، إذ قامت باقتلاع أكثر من نصف مليون شجرة وإزالة مساحات واسعة من الغابات كما يوضحها الجدول التالي: (9)
النسبة % | المساحة المتبقية | المساحة المتضررة | المساحة بالدونم | المنطقة |
32.8 | 85,016 | 174,030 | 259,046 | الضفة الغربية |
7.6 | 3,200 | 38,800 | 42,000 | قطاع غزة |
39.2 | 88,216 | 212,830 | 301,046 | المجموع |
المواقع والحواجز العسكرية الإسرائيلية
لقد خصصت إسرائيل 1177540 دونماً من الأراضي التي سيطرت عليها في الضفة الغربية و 1700 دونم في قطاع غزة، وجعلتها مناطق عسكرية مغلقة أمام المواطنين الفلسطينيين، وأقامت فيها 71 موقعاً في الضفة الغربية،(14) ارتفعت إلى 120 موقعاً بعد اندلاع انتفاضة الأقصى في 28 أيلول 2000. (15)
وفي قطاع غزة أقيم 29 موقعاً(16) ازدادت إلى 40 موقعاً منذ انطلاق انتفاضة الأقصى،(17) وقد نشرت هذه المواقع عند مداخل المستوطنات ومفترقات الطرق الرئيسة، ويمكن لهذه المواقع والحواجز العسكرية تقسيم الضفة الغربية وقطاع غزة بسهولة، فقد قسمت الضفة الغربية إلى 27 جزءاً وقطاع غزة إلى أربعة أجزاء،(18) بالإضافة إلى مساهمتها في إحكام الاغلاقات وحظر التجول الذي يمنع الفلسطينيين من التنقل بين المدن الفلسطينية أو حتى داخلها، الأمر الذي زاد من حدة الاغلاقات التي بدأت منذ عام 1993، حيث منع الفلسطينيون من دخول إسرائيل إلا بعد الحصول على تصريح مسبق ولفترة زمنية محدودة، وقد ألغيت هذه التصاريح منذ اليوم الثامن والعشرين من أيلول عام 2000 بسبب اندلاع انتفاضة الأقصى، الأمر الذي تسبب في عجز العمال عن الوصول إلى أماكن عملهم أو الطلاب إلى جامعاتهم ومدارسهم، وحالت دون تنقل الفلسطينيين داخل مناطقهم، بل منعت ذهاب المرضى إلى مستشفياتهم، كما أعاقت وصول المواد الغذائية، ان هذه الإجراءات سوف تترك آثارها السلبية على البيئة، ان زيادة معدلات البطالة بين صفوف القوى العاملة في فلسطين وتراكم النفايات الصلبة، وعدم التمكن من نقلها إلى أماكن تجميعها، ما يلحق الضرر بالصحة العامة.
الطرق الالتفافية
تمثل هذه الطرق صورة أخرى من صور الاعتداءات الإسرائيلية على البيئة الفلسطينية، فقد قامت إسرائيل بشق 58 طريقاً التفافية لخدمة مستوطناتها في الضفة الغربية، وذلك في الفترة ما بين 1994 - 1998 بلغت أطوالها 293.2 كيلو متر على مساحة 38071 دونماً،(19) بالإضافة إلى إنشاء العديد من الطرق العرضية في الضفة الغربية وقطاع غزة، ومعظم هذه الطرق تخترق مناطق ذات حساسية بيئية مثل الطريق رقم 80 الذي صادقت عليه الحكومة الإسرائيلية في أعقاب اتفاق واي ريفر عام 1998،(20) إذ سيقطع هذا الطريق مسارات السيول الصحراوية، وسيمر من نقاط بارزة مثل قرن حجر وهو مجمع جبلي يقع في قلب الصحراء، كما سيمر بجوار دير مار سابا المنعزل، وهو أول موقع تاريخي لحركة الرهبنة في صحراء الخليل ما سيحول هذا الدير إلى موقع سياحي ويضع حداً للانعزال والتوحد، بالإضافة إلى ما سيخلفه الطريق بعد تجريف الأراضي المقام عليها، وإزالة الأشجار والنباتات من تهديد التنوع الحيوي في المنطقة. وهناك طريق أخر هو طريق عابر السامرة السابق الذكر وطريق غوش عتصيون الذي يصل الخط الأخضر بالبحر الميت جنوب القدس.
أما في قطاع غزة فهناك ثلاث طرق عرضية تصل بين إسرائيل ومستوطناتها في القطاع وهي: (21)
ـ طريق كارني ـ نتساريم.
ـ طريق كيسوفيم ـ غوش قطيف.
ـ طريق صوفا ـ غوش قطيف.
ـ طريق كيسوفيم ـ غوش قطيف.
ـ طريق صوفا ـ غوش قطيف.
وتساهم الطرق الالتفافية والطرق العرضية بشكل كبير في تجزئة الأراضي الفلسطينية ومنع التواصل الجغرافي بين التجمعات السكانية الفلسطينية، وتسهل من عمليات الحصار التي تفرضها القوات الإسرائيلية على المدن والقرى الفلسطينية، بالإضافة إلى ما تتركه هذه الطرق على المدى الطويل من تدهور بيئي، فإزالة الغطاء النباتي لمسافات طويلة بعد تجريف الأراضي في مختلف أرجاء الأراضي الفلسطينية، سوف يهدد التنوع البيئي الحيوي وبالإضافة إلى تسببه في اختفاء الكثير من أنواع النباتات، فانه سيمنع انتقال هذه النباتات من منطقة لأخرى بفعل العوامل الطبيعية ويحد من حركة وانتقال الحيوانات البرية من مكان إلى آخر للتزاوج. ناهيك عن هدم جحورها وأوكارها وهذا يدفعها إلى الهرب إلى جهات أخرى خارج الحدود.
الاعتداءات الإسرائيلية على المياه الفلسطينية
تحتل المياه موقعاً هاماً من الاستراتيجية الإسرائيلية، وقد عبر عن ذلك العديد من القادة الصهاينة أمثال ثيودور هرتزل في أعقاب مؤتمر بازل عام 1897 وحاييم وايزمان في رسالته لرئيس وزراء بريطانيا بتاريخ 9/2/1919، وبن جوريون عام 1941 وعام 1955، ومناحيم بيجن عام 1987،(22) ومنذ احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية أصدرت سلطات الاحتلال العسكري مجموعة من الأوامر العسكرية، فرضت بموجبها سيطرتها الكاملة على المياه الفلسطينية، ومنعت الفلسطينيين من حرية التصرف في مواردهم المائية، ويتضح هذا العدوان بشكل كبير في كمية المياه المعطاة للفلسطينيين في اتفاقية أوسلو فقد أعطت الاتفاقية السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية 127.4 مليون متر3 أي ما نسبته 18.7% من مجموع كميات المياه التي قدرتها الاتفاقية بـ 679 مليون متر3، وتذهب 552 مليون متر مكعب إلى إسرائيل، وفي قطاع غزة تستخدم إسرائيل كميات كبيرة من مياهه فيما هو يعاني أصلاً من نقصان مياه الخزان الجوفي(23).
وبشكل عام، تسيطر إسرائيل على 86.5% من المياه الفلسطينية الأمر الذي أوجد خللاً واضحاً في معدلات استهلاك الفرد الفلسطيني مقارنة بمعدلات الاستهلاك الفردي الإسرائيلي،(24) إذ بلغ معدل استهلاك الفرد الفلسطيني السنوي 93 متراً مكعباً(25) في حين أن استهلاك الفرد الإسرائيلي وصل إلى 344 متر مكعب وفي الوقت الذي منعت فيه إسرائيل المواطنين الفلسطينيين من حفر الآبار لاستخراج المياه للأغراض المختلفة قامت بحفر أكثر من 300 بئر بالقرب من الخط الأخضر لاستنزاف مياه الحوض الغربي، كما قامت بحفر 51 بئراً في مستوطناتها في الضفة الغربية. (26)
هذه الاعتداءات الإسرائيلية على المياه الفلسطينية خلقت الكثير من المشاكل في قطاع المياه من أهمها:
لقد أدت عمليات الاستنزاف الإسرائيلي للمياه الفلسطينية إلى تناقص كميات هائلة من مياه الخزان الجوفي، وقد قدر العجز السنوي في الخزان الجوفي بـ 40 و50 مليون متر مكعب في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة على الترتيب، وهذا من شأنه أن يهدد الحياة الحيوانية والنباتية ويزيد ملوحة التربة، بالإضافة إلى المعاناة اليومية التي سيواجهها السكان الفلسطينيون. كما أن استيلاء إسرائيل على مياه نهر الأردن بما فيها حقوق الفلسطينيين التي حددتها اتفاقية جونستون بـ 250 مليون متر مكعب تركت آثارها الخطيرة على الأوضاع البيئية في هذه المنطقة، حيث بدأ البحر الميت في الانخفاض بسبب نقص كميات المياه الواردة من نهر الأردن، الأمر الذي يهدده الآن بالنضوب والجفاف ليتحول إلى سبخة ملحية.
يزداد تناقص المياه لدى التجمعات السكانية الفلسطينية خطورةً في فصل الصيف، وقد وصل الأمر بشركة ميكروت الإسرائيلية إلى التهديد بوقف تزويد كل من مدن الخليل وبيت لحم وجنين بالمياه بسبب نقص المياه في الخزان الجوفي حسبما ورد في تقرير منسق الجيش الإسرائيلي لشؤون المياه في الضفة الغربية، وبالفعل أصبحت الكثير من المدن الفلسطينية في جنين، بيت لحم، طوباس، طولكرم، وقطاع غزة تعاني من نقص في كميات المياه، ففي الوقت الذي تستنزف فيه إسرائيل المياه الفلسطينية، حيث تستخرج المستوطنات الإسرائيلية الواقعة على أراضي محافظة رفح ما بين 2-5 مليون متر مكعب من 5 آبار، نجد أن المواطنين الفلسطينيين في المحافظة الذين يبلغ عددهم قرابة 125 ألف نسمة يستخرجون 3 مليون متر مكعب في السنة فقط من 4 آبار، وكذلك في محافظة خانيونس فإن عدد الآبار الذي يستخدمها المستوطنون (8 آبار) تعادل عدد الآبار التي يستخدمها السكان الفلسطينيون في المحافظة، إذن نجد أن بضعة مئات من المستوطنين يستخدمون 13 بئراً في حين أن قرابة ربع مليون نسمة يستخدمون 12 بئراً فقط. (28)
- هدم 78 بئراً كاملة مع ملحقاتها.
- هدم 150 بركة ماء مع ملحقاتها.
- تدمير 43000 متر طولي من خطوط المياه.
- تجريف 2500 دونم من شبكات الري
- هدم 150 بركة ماء مع ملحقاتها.
- تدمير 43000 متر طولي من خطوط المياه.
- تجريف 2500 دونم من شبكات الري.
وهي المشكلة الثانية التي تتعرض لها المياه الفلسطينية بعد مشكلة تناقص المياه إذ تعرضت المياه الفلسطينية لعمليات استنزاف، كما عملت إسرائيل ومستوطناتها في الأراضي الفلسطينية على تلويث الجزء القليل الباقي من المياه الذي يمثل المورد المائي الوحيد لثلاثة ملايين فلسطيني في مختلف جوانب حياتهم، ومن أبرز الملوثات التي تتعرض لها المياه الفلسطينية هي المياه العادمة والمخصبات الزراعية ومبيدات الآفات الزراعية، بالإضافة إلى النفايات الصلبة بأنواعها المختلفة، وتقوم إسرائيل بتلويث المياه الفلسطينية بطرق مباشرة وغير مباشرة، فمستوطناتها المنتشرة في أرجاء الأراضي الفلسطينية تقوم بضخ ملايين الأمتار المكعبة من المياه العادمة في الأودية والأراضي الزراعية الفلسطينية، حيث بلغت كمية المياه العادمة التي تضخها المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، والتي يقطنها حوالي 350,000 ألف مستوطن 40 مليون متر مكعب، وهي كمية أكبر مما ينتجه الفلسطينيون البالغ عددهم 1.87 مليون نسمة؛ إذ بلغت كمية المياه العادمة المنتجة 33.72 مليون متر مكعب، كما أن 90% من المياه العادمة الناتجة عن المستوطنات هي مياه عادمة غير معالجة وتصرف في الأودية الفلسطينية والأراضي الزراعية مثل: (32)
1- وادي النار الذي يستقبل حوالي 30000 متر مكعب يومياً من المستوطنات التي تحيط بمدينة القدس.
2- منطقة شرق مدينة الخليل ووادي قانا بين نابلس وقلقيلية وتتدفق فيها المياه العادمة الناتجة عن مستوطنات أريئيل ومجموعة المستوطنات حولها، أما في قطاع غزة، فإن المياه العادمة للمستوطنات تتدفق في المناطق الرملية أو إلى البحر المتوسط، كما أن جزءاً كبيراً منها يتدفق في أودية السلقا وغزة.
إن نقص المياه وتسرب المياه العادمة والاستخدام المفرط للمخصبات الزراعية ومبيدات الآفات الزراعية قد أدى إلى:
1- زيادة نسبة الأملاح في مياه الخزان الجوفي: تعاني المياه الفلسطينية خصوصاً في قطاع غزة من تزايد الأملاح، إذ ازدادت عن النسبة الموصى بها دولياً من منظمة الصحة العالمية، وهي 250 ملجم /لتر، فحوالي 90% من مياه الخزان الجوفي في القطاع تتراوح فيها نسبة الأملاح ما بين 250 ملجم/لتر - 2000 ملجم/لتر. وهذه النسبة تجعل مياه قطاع غزة غير صالحة للشرب حيث الضخ الزائد للمياه الجوفية في القطاع واعتراض المياه الواردة إلى الخزان الجوفي من الشرق، عن طريق حفر إسرائيل لسلسلة من الآبار ذات القدرة العالية على استخراج المياه وحدوث عجز مائي كبير في الخزان الجوفي الساحلي، وهذا العجز أدى إلى انخفاض مستوى المياه في الخزان الجوفي، الذي أصبح عاجزاً عن مقاومة تسرب مياه البحر إليه.
النفايات الصلبة
تعتبر النفايات الصلبة بأنواعها المختلفة من الملوثات الرئيسة للبيئة الفلسطينية، وتتكون من:
- النفايات المنزلية الناتجة عن استخدام الأفراد في المنازل والمطاعم والفنادق.
- مخلفات النشاط الزراعي والحيواني وهي مخلفات عضوية نباتية وحيوانية.
- المخلفات الناتجة عن عمليات التعدين والصناعة.
- مخلفات عمليات البناء والتشييد.
- مستوطنة أريئيل وتلقي نفاياتها في الأراضي الزراعية في سلفيت.
- معسكرات الجيش الإسرائيلي حول حدود عام 1967 بالقرب من جنين وتلقي نفاياتها في أراضي عرابة الواقعة في المحافظة.
- معسكر الجيش الإسرائيلي ويستخدم مكباً في منطقة طوباس، علماً بأن هذا المكب قد تم إغلاقه.
- مستوطنة تيدار وتلقي نفاياتها في منطقة العبدلي وأبو ديس، بجوار العيزريه والسواحرة.
- مستوطنة ألون موريه وتستخدم أراضي قرية بيت فوريك في محافظة نابلس.
وقد استخدمت إسرائيل الأراضي الفلسطينية طوال سنوات احتلالها كملجأ للتخلص من نفاياتها الخطرة، واستخدمت في ذلك أكثر من 50 موقعاً الأمر الذي يعرض الأراضي الفلسطينية لأخطار هذه النفايات بشكل مباشر وغير مباشر إذ تتعرض الأراضي الفلسطينية للغازات السامة المنبعثة من المصانع الإسرائيلية القريبة من الحدود بفعل الرياح. وبالفعل سجلت العديد من حالات تهريب وتسرب النفايات الخطرة إلى الأراضي الفلسطينية، كما حدث عام 1987، حيث دفنت نفايات صلبة خطرة في أراضي قرية عزون قرب قلقيلية، واكتشاف كميات من بقايا كيماويات سامة بالقرب من قرى عزون وجيوس وتل صوفين القريبات من قلقيلية أيضاً، وفي عام 1999 اكتشفت 250 برميلاً تحتوي على مواد سامة مهربة من إسرائيل إلى قرية أم التوت في جنين. إن مثل هذه النفايات الخطرة المهربة والمدفونة في الأراضي الفلسطينية تعطي مؤشراً لتزايد بعض الأمراض الغامضة وأمراض السرطان التي تزايدت بشكل ملحوظ في المناطق التي تم الكشف عنها. بمعدل يزيد عما هو موجود في البلدان المجاورة. (35)
تقوم إسرائيل بتطوير أسلحتها وذخائرها باستخدام مادة اليورانيوم وقد أجرت العديد من التجارب النووية في خليج العقبة، وهذا أدى إلى إحداث نشاط إشعاعي خطير في الدول العربية المجاورة لإسرائيل، كما تقوم بتجربة الذخائر المحتوية على اليورانيوم المستنفذ على المواطنين الفلسطينيين ولمدة 32 يوماً بمعدل قصف يومي 12 ساعة في اليوم. (36)
إن مادة اليورانيوم هي نفسها مادة اليورانيوم الطبيعي بعد عزل العنصر 237 الفعال، إلا أن استخدامها في صناعة الذخائر يعطي الأخيرة قوة اختراق هائلة كما أن إدخالها في صناعة دروع الدبابات يزيد من صلابة الدروع أمام القذائف الموجهة إليها، وهي مادة ذات كثافة عالية، وتزيد في كثافتها عن كثافة الرصاص بـ1.7%، ولها خاصية الاختراق التلقائي بمجرد الارتطام بأي جسم، الأمر الذي ينجم عنه تطاير ذرات دقيقة في الهواء يمكن استنشاقها بسهولة، وقد كشفت بعض المنظمات الدولية مثل منظمة International Action Center الأمريكية ومنظمةLake foundation الهولندية استخدام إسرائيل الذخائر وقذائف الدبابات المحتوية على مادة اليورانيوم ضد المواطنين الفلسطينيين، وهذا أدى إلى استشهاد المئات من المواطنين الفلسطينيين وإصابة الآلاف بجراح معظمها خطيرة، وقد شهد الأطباء المعالجون بأنهم لم يشاهدوا إصابات بهذا الشكل من قبل، إذ غالباً ما تتفجر الذخائر في جسم المصاب وتؤدي إلى زيادة تهتك أجزاء الجسم مما يهدد حياته، ويذكر بعض العلماء أمثال الدكتور فوزي حماد رئيس هيئة الطاقة المصري الأسبق والدكتور طارق النمر أن مثل هذه الذخائر والمقذوفات المستخدم فيها اليورانيوم المستنفذ ذات الإشعاعات السامة تلحق أضراراً بالصحة العامة وتسبب أمراض السرطان بأنواعه والتشوهات الخلقية عند الأجنة والأمراض المزمنة.
الدور الإسرائيلي في تلوث الهواء والضجيج
لقد طالت الاعتداءات الإسرائيلية على البيئة الفلسطينية الهواء، فبالإضافة إلى التلوث الناتج عن استخدامات وسائط النقل المحلية في المناطق الآهلة بالسكان نجد أن إسرائيل عملت على زيادة معدلات هذا التلوث عن طريق عشرات المصانع المنتشرة في مستوطناتها بالضفة الغربية وقطاع غزة. إذ تنفث هذه المصانع ملايين الأطنان من الغازات السامة التي تلحق أضراراً بالصحة العامة، إلا أن من أبرز ملوثات الهواء الغبار الناتج عن مقالع الحجارة الإسرائيلية في الضفة الغربية حيث تنتشر كميات هائلة من الغبار في الهواء. وتسبب في إلحاق الأضرار بمساحات واسعة من الأراضي الزراعية بعد أن تتساقط ذرات هذا الغبار على المحاصيل الزراعية والأشجار، الأمر الذي يعمل على تدميرها، وبالفعل تعرضت مساحات واسعة من الأراضي الزراعية في دير شرف في محافظة نابلس وبيت فجار في محافظة بيت لحم. وبني نعيم في محافظة الخليل إلى التدمير، لأن هذا الغبار يمنع النباتات والأشجار من النمو.
لقد طالت الاعتداءات الإسرائيلية على البيئة الفلسطينية شكل سطح الأرض، وعملت على تدهوره وتلوثه، وقد أخذت هذه الاعتداءات عدة صور منها: (37)
مقالع الحجارة: فقد قامت إسرائيل بإنشاء 6 مقالع للحجارة جميعها في الضفة الغربية، وذلك لاقتلاع الصخور التي تستخدمها في عمليات البناء والتشييد. وتغطي هذه المقالع 80% من الاحتياجات الإسرائيلية وتوزع هذه المقالع على:
- محافظة الخليل وفيها مقلعان، يقعان بالقرب من بلدات دورا والظاهرية.
- محافظة بيت لحم وفيها مقلع واحد، يقع بالقرب من مخيم الدهيشة.
- محافظة جنين وفيها مقلع واحد، يقع بالقرب من بلدة يعبد.
- محافظة قلقيلية وفيها مقلعان، يقعان بالقرب من بلدة جيوس ومستوطنة كسوفيم.
وهذه المقالع توجد بجوار المناطق الآهلة، حيث تسبب أضراراً كبيرة منها تلوث الهواء نتيجة كميات الغبار الهائلة التي تنتشر في الهواء، والإزعاج الناجم عن الانفجارات المتتالية وعن الأصوات الناتجة عن وسائل النقل والآليات. كما أن هذه المقالع تهدد الغطاء النباتي في المناطق الموجودة فيها، بالإضافة إلى هروب الكثير من الحيوانات البرية التي تسكن هذه المناطق، بسبب الغبار والضجيج للبحث عن بيئات جديدة.
تتعرض التربة الفلسطينية إلى أعمال التدمير، بسبب انجراف أجزاء كبيرة منها، وتلويث الجزء الباقي، وتؤدي أعمال التجريف الهائلة إلى تفكك التربة، كما تؤدي عوامل التعرية كالرياح والأمطار إلى سهولة انجرافها، وهذا يعمل على إزالتها وصعوبة إصلاحها على المدى القريب، بالإضافة إلى هجرة الحيوانات البرية بعد هدم جحورها وأوكارها، وسيلحق تدفق المياه العادمة إلى الأراضي الزراعية أضراراً أخرى بالتربة، إذ سيعمل على زيادة نسبة أملاح الصوديوم التي تعمل على التقليل من مساحتها ويفقدها القدرة على الإنتاج.
إن مثل هذا العدوان يزيد من تصحر الأراضي الفلسطينية خصوصاً بعد إزالة مساحات واسعة من الغطاء النباتي كالغابات والأحراش، وقد زادت اعتداءات إسرائيل على التربة الفلسطينية أثناء فترة انتفاضة الأقصى فزادت من المساحات التي قامت بتجريفها والأشجار التي قامت بقلعها، ولعل ما حدث يوم 25 آذار 2001 يوضح إلى أي حد تلحق الممارسات الإسرائيلية الأضرار بالبيئة الفلسطينية، فقد تدفقت كميات هائلة من المياه العادمة من الخزانات الإسرائيلية إلى الأراضي الزراعية شرق مدينة غزة لتغرق عشرات الآلاف من الدونمات محدثة أضرار كبيرة في المزروعات والمنازل والحيوانات والطيور والأغنام والأبقار والدواجن. وقد خلفت وراءها العديد من الأخاديد العميقة وجرفت التربة وهذا سيصعب من معالجة هذه الأضرار على المدى القريب.
تدهور تضاريس الساحل
كذلك تتعرض تضاريس الساحل الفلسطيني في قطاع غزة إلى عمليات إهدار كبيرة نتيجة إزالة كميات هائلة من الرمال وإلقاء النفايات الصلبة والمياه العادمة على ساحل البحر، ولعل إزالة الرمال من أخطر ما يواجهه الساحل الفلسطيني، حيث تقوم إسرائيل بسرقة كميات هائلة من الرمال عن طريق مستوطناتها، وقد قدرت كميات الرمال التي أزيلت حتى عام 1994 بـ 25 مليون متر مكعب،(38) ومازالت إسرائيل مستمرة في سرقتها للرمال إلى الآن، إذ توجد العديد من مقالع الرمال في المستوطنات الإسرائيلية أو بالقرب منها، ففي مستوطنة بيت دولح بمحافظة رفح يوجد مقلع كبير للرمال تستخرج منه حمولة 170 شاحنة يومياً، تذهب جميعها إلى داخل إسرائيل ومقلع آخر في المنطقة الواقعة بين مستوطنة نتساريم ومدينة الزهراء لنقل الرمال إلى داخل إسرائيل، وجزء منها يتم استغلاله داخل المستوطنة، بالإضافة إلى سرقة الرمال من مناطق مستوطنات ايلي سيناي ونيسانيت.(39)
إن إزالة رمال الشاطئ بشكل عشوائي سوف يفقده قيمته الجمالية خاصة وأنه المتنفس الوحيد لسكان قطاع غزة والضفة الغربية، بالإضافة إلى الخسائر الاقتصادية الكبيرة، لأن الرمال أصبحت الآن ثروة اقتصادية هامة، للاعتماد عليها في صناعة مواد البناء والزجاج وغيرها من الصناعات، بالإضافة إلى أن إزالتها ستترك وراءها حفراً سرعان ما تتحول إلى مكبات للنفايات الصلبة والمياه العادمة.
تتعرض البيئة البحرية الفلسطينية، في البحر المتوسط والبحر الميت، إلى التلوث، ففي البحر المتوسط تتدفق أكثر من 20% من المياه العادمة غير المعالجة والمقدرة بحوالي 50 ألف متر مكعب لكي تلحق أضراراً بالأحياء المائية والاستجمام، وكذلك تتعرض مياه البحر المتوسط إلى تلوث إقليمي ناتج عن تسرب زيت البترول من ناقلات النفط التي تعبر قناة السويس متجهة إلى ميناء أسدود(40) وقد أجريت تجارب عديدة واختبارات (DO- والأكسجين المذاب BOD)، وتبين أن هناك تلوثاً كيميائياً وميكروبولوجياً لعبت فيه المياه العادمة دوراً كبيراً، إذ تبين أنه كلما قلت كمية المياه العادمة الواردة إلى البحر انخفضت نسبة التلوث، والعكس صحيح.(41)
وكذلك البحر الميت، فإنه يتعرض الآن لخطر الجفاف والنضوب بسبب استنزاف إسرائيل لمياه نهر الأردن وتحويل روافده إلى داخل إسرائيل ما أدى إلى انخفاض كميات المياه الواردة إلى البحر الميت، وهذا جعل منسوبه يخفض سنوياً بمعدل 80-100 ملم مما يعرضه أن يكون سبخة ملحية بعد زمن ليس بالبعيد. (42)
أثار الاعتداء الإسرائيلي على التنوع الحيوي والموروث الحضاري
إن الممارسات الإسرائيلية على البيئة الفلسطينية من مصادرة للأراضي وإقامة المستوطنات وشق الطرق الالتفافية وأعمال التجريف واقتلاع الأشجار والغابات والأحراش، واستنزاف المياه وتلوث الهواء، كل هذه الممارسات وغيرها ألقت بظلالها على الحياة الطبيعية والبشرية في فلسطين.
وقد طالت الاعتداءات الإسرائيلية الموروث الحضاري الفلسطيني، حيث كانت فلسطين دوماً ملتقى الحضارات على مر العصور، لذلك من الطبيعي أن نجد الكثير من المواقع الأثرية والتاريخية الهامة التي تنتمي لمختلف العصور، فالمدن الفلسطينية مثل القدس وغزة وأريحا والخليل من أقدم مدن العالم وضمت الكثير من الآثار من مختلف الحضارات على مر التاريخ، ومن هذه الآثار، الآثار المعمارية كالمعابد والمدرجات والكنائس والمساجد والمقابر وآبار المياه وقنوات الري والمساكن التي تجذب السياح والزائرين من مختلف أنحاء العالم.
وتعرضت هذه الآثار إلى اعتداءات من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال العقود الثلاثة الماضية، وتمثلت هذه الاعتداءات في:
1ـ تجريف التلال الرملية التي تضم كثيراً من الكنوز الأثرية خاصة في قطاع غزة.
2ـ أعمال سرقة الآثار الفلسطينية ونقلها إلى داخل إسرائيل.
3ـ الحرق أو الهدم كما حدث في المسجد الأقصى عندما تعرض للحرق عام 1968.
4ـ الإهمال لعدم توفر الخبرة الكافية من المختصين في مجال الصيانة وقد أدى هذا الإهمال إلى اندثار الكثير من المعالم الأثرية، مثل أرضيات الكنائس المغطاة بالفسيفساء، والميناء الروماني على شاطئ غزة.
5ـ إقامة المباني السكنية على أنقاض المباني الأثرية القديمة كما هو الحال في بعض أحياء مدينة غزة كالشجاعية والدرج والزيتون.
أولاً: الاستيطان الإسرائيلي والبيئة الفلسطينية
وسوف نتناول هذه الممارسات بشيء من التفصيل لبيان آثارها على البيئة الفلسطينية.
يتضح من الجدول السابق أن الاعتداءات الإسرائيلية طالت 60.8% من جملة مساحات أراضي الغابات الفلسطينية، وقد زادت إسرائيل من وتيرة تجريفها وتصديها للأشجار بعد اندلاع انتفاضة الأقصى في 28 أيلول 2000، حيث زادت من مساحة سيطرتها على الأراضي الفلسطينية، ففي قطاع غزة تسيطر القوات الإسرائيلية على 40% من مساحة القطاع، أي ما يعادل 146كم2(10)، وفي الضفة الغربية أغلقت مساحات واسعة وقامت بتجريف المزيد من الأراضي حول الطرق الرئيسة واقتلاع الآلاف من الأشجار حارمة الفلسطينيين من مصادر رزقهم وموارد دخلهم، فقد قامت وحتى 31 كانون الثاني 2001 بتجريف 8275 دونماً نال منها قطاع غزة الجزء الأكبر حيث تم تجريف 6350 دونماً (11) ارتفعت إلى 7024 دونماً في منتصف شباط 2001. (12)
أما عن الأشجار التي اقتلعت في فترة الانتفاضة من 29 أيلول 2000 وحتى 31 كانون الثاني 2001 فبلغت 180031 شجرة نال منها القطاع القسط الأكبر حيث تم اقتلاع 111295 شجرة. (13)، إن مثل هذه الممارسات سوف تلقى بظلالها على التنوع الحيوي في فلسطين إذ تؤدي إلى اختفاء الكثير من أنواع النباتات وخصوصاً البرية منها، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإنها ستؤدي إلى تفكك التربة، وهذا يسهل إزالتها بفعل عوامل التعرية كالرياح والأمطار، ويعمل على تصحر الأراضي الفلسطينية، كما يعمل على اختفاء الكثير من الحيوانات البرية بعد هدم جحورها وأوكارها بسبب التجريف، الأمر الذي سيخلق في النهاية واقعاً جديداً يصعب إصلاحه في المدى المنظور.
إضافة إلى ذلك، فإنها لم تعمل طوال فترة احتلالها على تطوير البنية التحتية الخاصة بقطاع المياه، إذ مازالت نسبة 38.5%، من التجمعات السكانية في الضفة الغربية و19.5% من التجمعات السكانية في قطاع غزة محرومة من شبكات مياه عامة، لذلك يعتمد المواطنون الفلسطينيون على مصادر بديلة مثل الاعتماد على آبار الجمع وشراء صهاريج المياه لسد حاجاتهم. (27)
تناقص المياه
لقد أقامت إسرائيل مستوطناتها في قطاع غزة على المناطق التي تحتوي مياهاً عذبة والتي تشكل 10% من كمية مياه الخزان الجوفي، أما باقي مناطق الخزان الجوفي والتي تشكل 90% فإن نسبة الأملاح تتزايد عن النسبة الموصى بها،(29) الأمر الذي دفع السكان الفلسطينيين إلى البحث عن مصادر بديلة للمياه، حيث أصبحت سيارات الصهريج لبيع المياه العذبة تجوب الشوارع في مدن قطاع غزة، وهذه ظاهرة لم تكن موجودة من قبل، وقد زادت وتيرة الاعتداءات الإسرائيلية على المياه الفلسطينية منذ اندلاع انتفاضة الأقصى، حيث قامت قوات الاحتلال بهدم العديد من المرافق المائية ما أحدث أضراراً كبيرة في قطاع المياه ويشير البيان التالي إلى حجم هذه الأضرار: (30)
ونتيجة لعمليات الحصار والإغلاق، تعاني 20 بلدة فلسطينية من نقص حاد في المياه بسبب اعتراض الحواجز العسكرية لناقلات المياه وعدم تمكينها من توزيع المياه في هذه البلدات وإغلاق شبكات المياه القريبة من المستوطنات، بالإضافة إلى عدم التمكن من إصلاح شبكات المياه التي تعرضت للإتلاف نتيجة أعمال التجريف(31).
تلوث المياه
كما لعبت إسرائيل دوراً غير مباشر في تلويث المياه الفلسطينية بالمياه العادمة عن طريق إهمالها لإدارة المياه العادمة طوال سنوات احتلالها للأراضي الفلسطينية، حيث لم تعمل على مد شبكات جديدة للصرف الصحي لمواجهة تزايد السكان لدرجة أصبح فيها 66.7% من عدد الأسر الفلسطينية غير متصلة بشبكات الصرف الصحي، إنما يعتمد على الحفر الامتصاصية مع الأخذ بعين الاعتبار أن مساحة التجمعات السكانية الفلسطينية لم تتجاوز 5.3% من الأراضي الفلسطينية. (33)
إن المياه العادمة المتدفقة عبر الأودية والأراضي الزراعية الفلسطينية تلحق أضراراً بالبيئة الفلسطينية إذ تلوث مياه الخزان الجوفي بعد تسربها إليه وتزيد نسبة النترات والأملاح، ما يؤدي إلى عدم صلاحية المياه للاستخدام الآدمي، بالإضافة إلى أنها تتسبب في إحداث أضرار بيئية كبيرة، حيث تزيد من ملوحة التربة بعد زيادة نسبة الصوديوم، وهذا يؤدي إلى انسداد مساماتها وعدم قابليتها للإنتاج، ومن ثم تؤدي إلى التقليل من الغطاء النباتي وانتشار ظاهرة التصحر التي تؤدي إلى تدهور التنوع الحيوي بالإضافة إلى تركها لآثار بيئية ضارة مثل الروائح الكريهة المزعجة وانتشار الأوبئة والحشرات.
وقد زادت حدة الإجراءات الإسرائيلية منذ اندلاع انتفاضة الأقصى من تفاقم المشكلة، إذ طالت عمليات التجريف والحفر الآبار الامتصاصية وشبكات الصرف الصحي، الأمر الذي أدى إلى تسرب المياه العادمة إلى الأراضي الزراعية والأودية، كما يحدث الآن في طولكرم، نظراً لعدم التمكن من توفير خدمات الصيانة لشبكات الصرف الصحي، حتى محطات معالجة المياه العادمة لم تسلم من الاعتداءات الإسرائيلية، ففي سلفيت أصيب المعمل الحديث لمعالجة مياه الصرف الصحي نتيجة تلف المعدات، وهذا تسبب في إحداث خسائر مادية.
2- زيادة نسبة النترات. فنتيجة لتسرب المياه العادمة إلى مياه الخزان الجوفي والإفراط في استخدام المخصبات الزراعية ومبيدات الآفات الزراعية، تعاني المياه الفلسطينية خصوصاً في قطاع غزة من تزايد نسبة النترات إلى حد أعلى من النسبة الموصى بها دولياً، وهي 50 ملجم / لتر لتصل إلى أكثر من 100 ملجم /لتر، وقد وصلت في بعض المناطق إلى 600 ملجم / لتر، وهذه النسبة العالية من النترات تجعل المياه غير صالحة للاستخدام الآدمي، لأنها تشكل خطورة على الصحة العامة.
وقد لعبت إسرائيل ومستوطناتها في الأراضي الفلسطينية دوراً كبيراً في تلويث البيئة الفلسطينية بالنفايات الصلبة بطرق مباشرة وغير مباشرة. فهي تقوم بإلقاء نفاياتها الصلبة الناتجة عن استخدامات المستوطنين في الأراضي الفلسطينية كما هو الحال في منطقة أبو ديس التي يوجد فيها مكب ضخم بمساحة تقدر بـ 3 آلاف دونم لخدمة المستوطنات، وهو يخضع لإشراف الجيش الإسرائيلي، ومكب آخر في أراضي منطقة جيوس بالقرب من قلقيلية ويغطي مساحة 12 دونماً لخدمة مستوطنات كرنى شمرون وقدوميم وتسوفيم ومعاليه شمرون، ويوضح البيان التالي بعض المستوطنات الإسرائيلية وأماكن تخلصها من النفايات الصلبة: (34)
ولم تقف المستوطنات الإسرائيلية عند حد إلقاء النفايات الصلبة في الأراضي الفلسطينية، بل هي تلقي النفايات الخطرة المكونة من المواد الكيماوية السامة مثل الرصاص والزنك والنيكل إضافة إلى النفايات المشعة.
التلوث بالمواد المشعة
وبالإضافة إلى الغبار، فإن كميات كبيرة من الغازات السامة والضارة الناتجة من المصانع الإسرائيلية داخل إسرائيل تصل إلى الأجواء الفلسطينية بفعل الرياح بسبب قرب موقعها الجغرافي من الحدود، كما يصل الدخان والغازات الناتجة عن محطات توليد الطاقة العاملة بالفحم في أسدود والمجدل إلى قطاع عزة بفعل الرياح أيضاً لتزيد من درجات تلوث الهواء.
وبالإضافة إلى تلوث الهواء، فإن المناطق الفلسطينية تتعرض إلى نوع آخر من التلوث وهو الضجيج، إن كل صوت غير مرغوب فيه. يعتبر من ملوثات البيئة، وهو يلحق أضراراً بالصحة العامة، كما يسبب كثير من حالات التوتر العصبي، فبالإضافة إلى أنه يعمل على التشويش على الإنسان خصوصاً عند الكلام، فإنه يضعف السمع ويقلل من القدرة الإنتاجية للفرد، ومن أبرز مصادر الضجيج في الأراضي الفلسطينية الانفجارات المتوالية الناتجة عن مقالع الحجارة ومن وسائل النقل، بالإضافة إلى الطائرات الإسرائيلية التي تجوب الأجواء الفلسطينية، وأخيراً القصف المتواصل للمدن والقرى الفلسطينية من مختلف الأسلحة، الدبابات والطائرات والمدافع الرشاشة الثقيلة.
تدهور تضاريس الساحل وتلوث المسطحات المائية
تلوث التربة
تلوث البيئة البحرية
فقد امتازت فلسطين على الرغم من صغر مساحتها بتنوع نباتاتها وحيواناتها البرية، فعلى صعيد النباتات هناك 2500 نوع من مختلف العائلات النباتية مثل العائلة النجيلية والقرنية والخيمية والقرنفلية والزنبقية، أما على الصعيد الحياة الحيوانية البرية فهناك 33 عائلة من الثدييات، 65 عائلة من الطيور تضم 470 نوعاً، يتكاثر فيها حوالي 170 نوعاً و 150 نوعاً من الثدييات، وهناك الطيور المقيمة والطيور المهاجرة والزائرة. (43)
إن هذا التنوع الحيوي إنما يعود إلى تنوع الظروف المناخية والطبيعية في فلسطين إلا أنه معرض للتدهور بسبب الاعتداء الإسرائيلي، فإزالة المساحات الكبيرة من الغابات سوف يؤدي حتماً إلى اختفاء الكثير من أنواع النباتات البرية بسبب التغيير البيئي الذي حدث بعد التدخل الإسرائيلي بممارسته التدميرية، وكذلك الحيوانات البرية، فإنه يتوقع اختفاء أعداد كبيرة منها بسبب تدمير بيئاتها.
عن وكالة وفا الاخبارية
No comments:
Post a Comment