نحو بيئة نظيفة وجميلة

test

أحدث المقالات

Post Top Ad

Your Ad Spot

Tuesday, September 24, 2024

سبب تمرغ العالم في النفايات

الأراضي المقدسة الخضراء /GHLands 



حتى خمسينات القرن العشرين، عامل الناس البلاستيك بذات الاحترام الذي أولوه الزجاج والحرير. بعدها، اكتشفت شركات السلع الاستهلاكية  مزايا البوليمرات. وهكذا ظهر نمط حياة ينتج باطراد كميات من القمامة.

 في زمن ما، كانت الأشياء تصنع لتدوم , و لم يكن يرمى سوى القليل جداً و كان الطعام و الشراب بالجملة . و كان بالإمكان إعادة استخدام مواد التغليف و القناني , أو إرجاعها , كان بائع الخضار يبيع الخضار و الفواكه بلا تغليف و كان القصاب يلف اللحم بورق يحمي من الدهن . كان الحليب يأتي بقناني زجاجية يمكن إرجاعها , و كان يوصل الى عتبة الباب . كانت القناني و الزجاجات المختلفة تغسل و تُستخدم مرة أخرى , أو يتم صهرها لعمل زجاجات جديدة , كان الصيدلاني يعد حبات الدواء و يضعها في وعاء صغير له غطاء دوّار . الآن تصلنا جميع هذه الأشياء متشرنقة دان سيلوفان أو معلبة في بولي إيلين تريفثاليت ( بي - اي - تي )

مباشرة بعد الحرب العالمية الثانية , في الوقت الذي كان فيه البلاستيك يتحول الى اتجاه سائد و دارج , كان الناس يعيدون استخدامه و يعاملونه بحذر , و ذلك كما كانوا يعاملون المواد و الأنواع الأخرى من التغليف . لكن في نهاية خمسينيات القرن العشرين , بدأت الحاجة الى استهلاك كميّات متزايدة من الموارد تُسير الاقتصاد و تقوده , رحبت الصناعات بفرص توفير المال و تبسيط سلاسل التزويد , فمانوا بذلك يغرسون بذرة ثقافة الإهدار , كع بداية ستينيات القرن العشرين , كانت مليارات من الأصناف البلاستيكية تملأ مكبات النفايات و مطامرها و محطات ترميدها في العالم الغربي , كان التحول الى الأغلفة المصممة للرمي تدريجياً  حتى نهاية سبعينيات القرن العشرين , حينها استشرى الأمر في العالم , في سنة 1978, قامت شركة كوكا كولا باستبدال زجاجاتها بقنينة بلاستيكية مصنوعة من البي اي تي أحادية الاستخدام , ترمز هذه النقلة الى بداية العصر الجديد للمشروبات الاستهلاكية 

بحلول منتصف ثمانينيات القرن العشرين , كان شائعاً في العامل الغربي الاعتقاد بأن إعادة التدوير المشكلة المتنامية في البلاستيك أحادي الاستخدام . و مع نهاية العقد اختفت تقريباً قناني الحليب و المشروبات الغازية القابلة لإعادة الملء , و حل محلها المرميات البلاستيكية . ساعدت هذه المقارنة لدى سلسلة التزويد ذات الاتجاه الواحد مصنعي/ات الطعام و الشراب على شمل أسواق بعيدة جديدة , تزامناً مع شروع الدول النامية السير على خطى النموذج التنموي الذي كان رائده العالم الغربي , كان أسلوب حياة الرمي ( الإهدار ) دلالة على الحداثة .

نحو نهاية القرن العشرين , باتت الحياة أكثر انشغالاً . ارتفعت مستويات التوظيف مع دخول مزيد من النساء الى القوة العاملة , نمت المدن و تضخمت أعداد المسافرين/ات . تعالت التوقعات من الترفيه , صار للعائلات ( خصوصاً النساء ) وقت أقل للطبخ و البستنة و أعمال المنزل , جعلت المبردات و الميكرويف أمراً ممكناً استبدال الوجبات البيتية المحضرة من المكونات الطازجة ب (وجبة التلفزيون ) المطهوة سلفاً و التي تُشترى من السوبرماركت .

أصبح "أسلوب حياة الراحة " ممكناً  بسبب البلاستيك أحادي الاستخدام . تشكل مصاصات البلاستيك , و أكياس البلاستيك أحادية الاستخدام . و أطباق البولسترين , و الأوعية المصنوعة من البولي بروبيلين المستعملة لطلبات الطعام خارج المطاعم , جميعها الأساس المادي للحياة اليومية . كل شيء يمكن الحصول عليه بسرعة , و يسهل استهلاكه , أما ما يتبقى فيمكن ببساطه رميه في سلة لنفايات . لقد أصبحت المنتجات أحادية الاستخدام رمزاً لأسلوب الحياة في الاقتصاد الرأسمالي . مثل أسلوب الحياة هذا إنما سبب زخماً و سرعة الحياة الحديثة و نتيجتها . 

تنعكس مثل هذه السلوكيات في صلب الثقافة الشعبية , مثلاً كما في الفعاليات الرياضية و الموسيقية و في هوليوود . لقد وجدت المواد البلاستيكية أحادية الاستخدام طريقها الى جميع الشاشات من جميع الأحجام : الحفلات الجامعية تزخر بأدوات المائدة البلاستيكية , و أبطال و بطلات التلفزيون يحملون في طريقهم الى العمل كوباً للطريق من القهوة . تنتشر مثل هذه المشاهد عبر العالم . في مناطق أكثر فقراً , ينظر الى الاصناف البلاستيكية المصممة للرمي ( المرميات البلاستيكية ) على أنها رقي , تستخدم على نطاق واسع . تشجع الشركات مثل هذه التوجهات و تدعمها بفاعلية . 

تنتج المهرجانات و غيرها من الفعاليات الضخمة حمولة قاطرات من القمامة التي لا يمكن سوى حرقها أو طمرها . و لكن هذا قد حفز إعادة التفكير لدى بعض منظمي/ات مثل هذه الفعاليات . بات البعض يطلب إيداعاً ( عربوناً ) للأكواب التي يجب على الزبائن إعادتها ليحصلوا على مرتجع . و بات الطعام يقدم بشكل متزايد في أطباق قابلة للتحويل  الى سماد . يقدم المزيد و المزيد من مزودي الطعام و الشراب للطريق خصمتً و تخفيضاً للسعر للزبائن إذا أحضروا معهم أوعيتهم الخاصة القابلة لإعادة الاستخدام و لكن عقلية الرمي ما زالت مسيطرة , لأنها تجعل بعض نواحي الحياة أسهل قليلاً . بيد أن التكاليف المتكبدة بسبب النفايات غير مشمولة في سعر المنتج . 

تختلف الآليات المحددة من دولة الى أخرى . في العديد من الدول النامية , لطالما كان عاملاً حاسماً أن عمالقة السلع الاستهلاكية مثل بروكتر آند غامبل , يوفرون منتجاتهم من أكياس : مخن أجل كسب حصتهم من السوق , يتم بيع الشامبو و المنظفات و الكاتشاب في عبوات بلاستيكية صغيرة محكمة الإغلاق . يحاجج المزودون أن هذا يمكن المستهلكين/ات ذوي الدخل المنخفض من الحصل على مثل هذه السلع , و لكن النتيجة المزيد من القمامة 

الجانب الكارثي هو أن مثل هذه الحصيصات تجسد حالة عدم تكافؤ حادة بين كمية التغليف التي تحتاجها القطعة الواحدة من السلعة و بين كمية المادة نفسها , و غي ذات الوقت , تنشيط الاستهلاك و تحفيزه . هذه كارثة في الأماكن التي فيها مياه الشرب غير كافية , حيث ينزع الناء الى شراء قناني المياه البلاستيكية . من دون نظام فعال للتخلص من النفايات , ها هي هذه الأماكن تغرق في طوفان من قمامة البلاستيك , لا يقدم المنتجون/ات أي حلول للتخلص من التغليف و لإعادة التدوير . لقد نمت القمامة الناتجة عن وسائل الراحة و سلعها لتصبح مشكلة هائلة في العديد من المدن النامية . و ذلك لأنه لا يوجد أي حافز لجمع هذه القمامة , و لا يوجد أي وسيلة للتخلص منها بطريقة مسؤولة تجاه البيئة  

المصدر :https://ps.boell.org/sites/default/files/2020-12/FINAL_Plastic%20Atlas%202020%20-%20Arabic%20-%20DEC.pdf

No comments:

Post a Comment

الزراعة المنزلية في شمال قطاع غزة... أم فارس "فلاحة" للمرة الأولى

 الأراضي المقدسة الخضراء /GHLands مشى خطوتين ولمس نبتة زرعها البارحة خرج نسغ من يديه إلى عروقها خرجت من عينيه أوراق إلى غصونها وحين أراد الع...

Post Top Ad

Your Ad Spot

???????