الأراضي المقدسة الخضراء / GHLands
ثورة في عالم العزل.. قش القمح بديلاً مستدامًا للصوف الزجاجي
قش القمح، وهو منتج ثانوي للعملية الزراعية، قد يصبح قريبًا مادة أساسية في عزل المنازل والمباني التجارية.
تشير الدراسات الحديثة إلى أن المواد التقليدية المستخدمة في العزل الحراري، والتي تُعتمد لتنظيم درجات الحرارة في الأبنية، تُستهلك كميات كبيرة من الطاقة أثناء تصنيعها، مما يُسهم في انبعاث كميات ضخمة من الغازات المسببة للاحتباس الحراري.
في هذا السياق، يعمل أستاذ الهندسة بجامعة بافالو، الدكتور تشي تشو، على تطوير بديل عضوي وأكثر استدامة باستخدام قش القمح. وأوضح تشو، الأستاذ المشارك ومدير الدراسات العليا في قسم الهندسة الصناعية والنظم بكلية الهندسة والعلوم التطبيقية، أن الكتلة الحيوية مثل قش القمح يمكن حصادها وإعادة زراعتها بشكل دوري، مما يجعلها خيارًا بيئيًا ممتازًا.
بدأ تشو وفريقه البحثي في عام 2022 دراسة كيفية طباعة مادة عازلة مستخلصة من قش القمح باستخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد.
وبحسب الفريق، يتميز قش القمح بخصائص عزل حراري عالية، وقدرة على تحمل الضغط، إضافة إلى مقاومته الكبيرة للاشتعال مقارنة بمواد عضوية أخرى.
وأوضح تشو أن الخصائص المتفوقة لقش القمح تعود إلى بنيته الطبيعية الليفية والمسامية، والتي تعزز قدرته على العزل.
يعمل الفريق على تحويل القش إلى ألياف تُربط بروابط هيدروجينية بين مركبات عضوية ومجموعات هيدروكسيل في سليلوز القش، ومن ثم تُحوّل إلى حبر قابل للطباعة.

وأضاف أن هذه التقنية تُسهم في إنتاج مادة تتميز بقوة ميكانيكية عالية ومتانة طويلة الأمد، وقد نُشر بحثهم في عدد مايو من مجلة علوم وهندسة التصنيع. ويُعد هذا البحث، بحسب تشو، الأول من نوعه الذي يستعرض إمكانية استخدام ألياف قش القمح في الطباعة ثلاثية الأبعاد لهياكل العزل الحراري.
شارك في البحث باحثون من مؤسسات أكاديمية مرموقة، منهم ليتشنغ ليانغ، طالب دكتوراه بجامعة بافالو؛ وزيبينغ قوه من معهد روتشستر للتكنولوجيا؛ وأديتيا تشيفاتي من جامعة كال بولي ستيت؛ إلى جانب باحثين آخرين من جامعات ماريلاند وبافالو.
قُدمت الورقة البحثية خلال مؤتمر الجمعية الأمريكية للمهندسين الميكانيكيين (MSEC 2025)، الذي عُقد بين 23 و27 يونيو بجامعة كليمسون في ولاية ساوث كارولينا.
فوائد متعددة لمواد العزل العضوية
تنقسم مواد العزل الحراري عادةً إلى أربع فئات: غير عضوية، عضوية، مركبة، ومتقدمة. تهيمن المواد غير العضوية مثل الصوف الزجاجي والصوف الصخري على السوق، نظرًا لانخفاض موصليتها الحرارية وتكلفتها المحدودة، إلا أن عملية تصنيعها تعتمد على الوقود الأحفوري، ما يزيد من بصمتها الكربونية.
في المقابل، يُعد قش القمح مادة طبيعية متجددة وقابلة للتحلل الحيوي، ما يمنحه مزايا بيئية كبيرة. وتتضمن عملية التصنيع سحق الألياف وتحويلها إلى عجينة تُجفف في قوالب خاصة لإنتاج حبر طباعة كثيف يُستخدم في بناء هياكل العزل.
وقال تشو إن خصائص القش من حيث الكثافة المنخفضة والموصلية الحرارية المحدودة تجعله مثاليًا لتطبيقات البناء والعزل. كما أن هذا الابتكار يسمح باستخدام القش في صناعة أدوات منزلية وقطع أثاث ومنتجات زخرفية، مع إمكانية بناء مصانع قريبة من المزارع لتقليل انبعاثات النقل وتعزيز الاقتصاد المحلي.
تطوير الطباعة لتسريع الإنتاج
من التحديات التي واجهت الفريق بطء الطابعات التقليدية وصغر نطاقها. غير أن الفريق طوّر طابعة بفوهات متعددة وفتحات عريضة لتوزيع المادة بسرعة وانتظام، مع تصميم نظام يضمن تدفقًا مستقرًا.
واستخدم الفريق هذه التقنية في مختبر بقاعة بيل بجامعة بافالو لصناعة نماذج أولية لألواح العزل. وبحسب تشو، فإن هذه الطريقة قابلة للتطوير الصناعي، ويأمل الباحثون في التعاون مع شركاء صناعيين قريبًا لاختبار السوق وتحويل الابتكار إلى واقع تجاري.
وختم تشو بقوله: “إذا تم اعتماد قش القمح على نطاق واسع، فسيُقلل ذلك من الانبعاثات والنفايات الزراعية، ويوفر خيارًا مستدامًا واقتصاديًا للعزل في قطاع البناء”. نقلا عن موقع المستقبل الأخضر
No comments:
Post a Comment