في يوم الحفاظ على الطبيعة 2025.. حماية الكوكب تعني حماية مستقبلنا

 الأراضي المقدسة الخضراء / GHLands

قد تبدو المخاوف البيئية شديدة الإلحاح في بعض الأحيان – ويُعد يوم الحفاظ على الطبيعة أحد تلك المناسبات.
يُحتفى بهذا اليوم سنويًا في 28 يوليو، ليكون تذكيرًا حيويًا بالدور الجوهري الذي تؤديه الطبيعة في حياتنا، وبمدى هشاشة هذا الدعم.
تنقّي الغابات الهواء الذي نتنفسه، وتغذي الأنهار النظم البيئية والمجتمعات. لكن التوازن بدأ يختل؛ فدرجات الحرارة ترتفع، والموائل تتقلص، والتلوث يتفاقم. وهذه التغيرات تنذر بالحاجة العاجلة إلى التحرك.

الحفاظ على الطبيعة حول العالم

على الرغم من أن البشر سعوا لحماية الطبيعة منذ قرون، فإن الاحتفال الرسمي بهذا اليوم بدأ في أواخر القرن العشرين، كرد فعل لفقدان التنوع البيولوجي بوتيرة متسارعة.
ومنذ ذلك الحين، توسعت المبادرة عالميًا؛ حيث تنظم المجتمعات حملات توعية وورش عمل، ويشارك الناس في زراعة الأشجار وحضور المحاضرات.

لكن الرسالة الأساسية تظل ثابتة: كوكب سليم يعني مستقبلًا صحيًا للجميع.
صحة الطبيعة تحدد مصير بقائنا؛ فنحن نعتمد على الهواء النقي، والتربة الخصبة، والمياه العذبة. وتوفر لنا الطبيعة الغذاء، والدواء، وراحة البال.
إذا انهارت النظم البيئية، فالضرر يصيب الجميع. إن يوم الحفاظ على الطبيعة لا يتعلق بالنية الطيبة أو الأعمال الخيرية، بل بحماية ما يبقينا أحياء.

تدهور التنوع البيولوجي

أدوات ذكية لحماية الحياة البرية

تواجه الطبيعة تهديدات متزايدة، ويظل الصيد الجائر أحد أخطرها، خصوصًا تجاه حيوانات مثل الأفيال المستهدفة بسبب أنيابها، ما يهدد بانقراضها.
للتصدي لذلك، طوّر الخبراء أداة ذكية تُدعى “بوتش نت” (PoachNet)، وهي نظام رقمي يعتمد على الذكاء الاصطناعي وبيانات المواقع الجغرافية.
يقوم النظام بدراسة أنماط الصيد، ويتوقع مواقع الهجمات المستقبلية، ثم يُنبه فرق الحماية المحلية للتحرك بسرعة وإنقاذ الحيوانات.
يمثل “بوتش نت” مثالًا على كيف يمكن للتكنولوجيا أن تتدخل قبل وقوع الأذى، إذ يعمل بطريقة استباقية تمنع الخطر قبل حدوثه.

حقبة جديدة من حماية الطبيعة

لا تقتصر الحماية على منع الأذى فقط، بل تشمل فهم سلوك الحيوانات وتنقلها وتفاعلها مع بيئتها. دراسة حيوانات الكاريبو توضح هذا المفهوم بجلاء.
يستخدم العلماء أجهزة تتبع تعتمد على نظام GPS لدراسة تحركات كل حيوان. وبيّنت النتائج أن كل مجموعة كاريبو لها نمط خاص في الحركة، مما يعني أن كل منها بحاجة إلى حماية مصممة خصيصًا.
وتساعد هذه الأبحاث في تصميم “ممرات هجرة” آمنة، تمكّن الكاريبو من التنقل دون التعرض لمخاطر الطرق أو المناطق الصناعية.

الحياة البرية 

حماية المحيطات

تمثل حماية المحيطات تحديًا كبيرًا بسبب اتساعها وصعوبة مراقبتها، خصوصًا في ما يتعلق بتطبيق قوانين منع الصيد في المناطق البعيدة.
لكن الأبحاث الحديثة أثبتت أن الحماية ممكنة. فقد استخدم العلماء الأقمار الصناعية والذكاء الاصطناعي لمراقبة أكثر من 1000 منطقة بحرية محمية، حتى تلك التي تحاول السفن فيها إخفاء تحركاتها.
وكشفت النتائج أن فرض حظر صارم على الصيد يؤدي إلى انخفاض كبير في الأنشطة غير القانونية، بفضل الرادارات التي تكشف السفن المتخفية، مما يُعزز الإنفاذ الفعّال.

تلوث البحار والمحيطات

تتبع أسماك الراي لحمايتها

في بعض الأحيان، يتطلب الحفاظ على الطبيعة دراسة كائنات نادرة الرؤية، مثل أسماك الراي التي تتحرك بطرق تجعل تعقبها صعبًا.
لفترة طويلة، لم يستطع العلماء تتبعها بدقة بسبب سقوط أجهزة التتبع القديمة بسرعة.
لكن مع تطوير أجهزة “بيولوجينج” الحديثة، تغيرت المعادلة. هذه الأجهزة تتضمن كاميرات وأجهزة استشعار وتقنيات تعلم آلي، وتبقى ملتصقة بالأسماك لفترات أطول، ما يتيح جمع معلومات دقيقة.
وبفضلها، بات لدى العلماء فهم أعمق لمسارات حركة أسماك الراي، وأنماط تغذيتها وتفاعلها، ما ساعد على تطوير خطط حماية بحرية تتضمن مناطق آمنة تعيش فيها دون تهديدات.

نظام تنظيف المحيط

دلالة يوم الحفاظ على الطبيعة

كل إجراء يُتخذ لحماية الطبيعة – سواء بتتبع أسماك نادرة أو مراقبة هجرة حيوانات برية – يسهم في صون التوازن البيئي الذي تعتمد عليه الحياة.
ويؤكد يوم الحفاظ على الطبيعة 2025 أن حماية البيئة ليست رفاهية أو ترفًا جماليًا، بل ضرورة تمسّ صحتنا واستقرارنا كبشر.
إن أحدث البحوث البيئية – من حماية الحيوانات إلى مراقبة البحار عبر الأقمار الصناعية – تثبت أن التعاطف والابتكار يمكن أن يسيرا جنبًا إلى جنب.
لقد دخلنا عصرًا تتسم فيه حماية الطبيعة بالديناميكية والإبداع، وتتحرك فيه الجهود من الدفاع إلى الهجوم الاستباقي من أجل كوكب قابل للعيش.

المصدر : المستقبل الأخضر