الأراضي المقدسة الخضراء / GHLands
في ثلاثة مسارات بيئية مدهشة، انطلق فريق "ِاِمشِ وتعرّف على بلدك" لأيام وليالٍ متتابعة، جمعت بين مطاردة القمر الأزرق العملاق في جبال أريحا، واستقبال قمر الحصادين في نهاية الصيف، ثم خوض غمار ظاهرة "القمر الدموي" الفلكية، وسط الرياح الشديدة والعواصف الرملية في خريف صحراء البقيعة وبرية القدس؛ وقد كانت مسارات المشي هذه لقاءً مع الطبيعة الفلسطينية، والفلك، والتراث، والروح الوطنية التي تستمد قوتها من الأرض والسماء معًا.
![]() | ![]() |
أزهار شجرة الرتم البيضاء في جبال برية القدس | جمال برية ترعى في وديان صحراء وبرية القدس |
تاريخ وحياة برية
تمثل برية القدس، الممتدة بين جبال الوسط وحواف البحر الميت، كنزًا طبيعيًا وأثريًا، وقد احتضنت رهبان الصحراء والزاهدين والمستكشفين منذ قرون، وفيها ازدهرت الأديرة ومنها دير القلط وقرنطل ودير مار سابا، وتكشف تضاريسها عن طيات صخرية عميقة وصدوع وانحدارات وهبوط دراماتيكي يصل من 300 متر إلى 800 متر عند البحر الميت.
يقود فريق "إمشِ وتعرّف على بلدك" مسارات بيئية في جبال وأودية أريحا وصحراء وبرية بيت لحم والقدس في مواسم الشتاء والربيع والصيف والخريف، بعيدًا عن ضوضاء المدن وضجيجها، وعن بريق الأبراج وأضواء الأسفلت، ليتيح لعشّاق المغامرة فرصة مشاهدة هذه اللوحة الطبيعية النادرة الممتدة في فلسطين بوجهها الأصيل؛ جبال شاهقة تتعانق مع السماء، ووديان عميقة تنساب كالأسرار، وسهول خضراء تزيّنها أشجار السدر والدوم والرتم والعُشار، حيث تنبض الأرض بتنوّع نباتي يعكس غنى المكان.
وفي كنف الطبيعة البِكر التي تنبض في قلب القسوة، ورغم جفافها، تعيش عشرات الكائنات البرية التي وجدت في هذه التضاريس مأمنها وموطنها.
يقول عبد الفتاح حجة؛ قائد الفريق ومنظم المسارات البيئية؛ لــ "آفاق البيئة والتنمية" إن هدف المسارات البيئية يتجاوز حدود الرحلة والمغامرة؛ إذ يضع الفريق في صميم رؤيته المسؤولية البيئية، بتشجيع ثقافة المشي في الطبيعة، وثقافة الحفاظ على التنوّع الطبيعي والحضاري، وصونه من أي تهديد أو عبث.
هذه الرؤية، يؤيدها أيضًا عبد الفتاح دولة، مضيفًا: "لا تقتصر مغامرات الفريق على الاستمتاع بالمشهد الآني، بل تتجاوزها إلى رسالة أعمق تتمثل في الحفاظ على البيئة والتاريخ، وهوية الوطن وذاكرته الطبيعية، فالمسار ليس مجرد دربٍ حجري بين الجبال، بل هو درب وعي ومسؤولية، يعيد للإنسان صلته بأرضه وجغرافيتها وروحها.
![]() | ![]() |
الجروف الصخرية والطبيعة الجبلية الصعبة في جبال اريحا والأغوار | البحر الميت كما يظهر من جبال اريحا في مسار القمر الدموي الليلي |
مطاردة القمر الأزرق العملاق
سلكَ فريق " اِمشِ وتعرّف على بلدك" مسارًا ليليًا بطول 13 كيلومترًا، في مغامرة استثنائية لمطاردة القمر الأزرق العملاق الذي أضاء سماء فلسطين في ليلتي الأربعاء والخميس من شهر آب/ أغسطس الماضي، على ضوء المصابيح اليدوية، وسط صمت الجبال ورحابة السماء، بحثًا عن القمر في ليلة صافية لا يعكر صفوها غيم.
سارت قوافل المشاركين نحو مقام النبي موسى، ثم إلى الجسر الفاصل بين وادي المكلك العلوي والسفلي في جبال أريحا. هناك، وتحت السماء الصافية، ارتفع القمر الأزرق العملاق ليغمر جبال أريحا بضوء لم يُشاهد مثله منذ عام 2009.
ومن وجهة نظر عبد الفتاح حجة، فإن "فلسطين تُقرأ بالقدمين كما تُقرأ بالكتب"؛ مفسرًا عبارته: "نحن نمشي لنُعيد رسم خارطة المعرفة في وجداننا، وأنا أقيس نجاح كل مسار بمدى شغف المشاركين بالعودة مرة أخرى. نحن لا نمشي لنرى الطبيعة فقط، بل لنستعيد علاقتنا بالأرض والتاريخ والسماء، فكل خطوة هي فعل وطني، وكل مسار هو صفحة جديدة من كتاب فلسطين."
لقطة بنورامية من اطلالات البحر الميت بعد انتهاء ظاهرة خسوف القمر
على وقع الخطوات بين الصخور الكلسية والسهول الجافة، انبهرَ المشاركون بجمال المشهد؛ القمر العملاق يشرق من الشرق، والبحر الميت يلمع من الغرب، في لوحة طبيعية فلكية نادرة.
بعد ساعتين من المشي، ومع حلول الذروة الفلكية، ارتفع القمر الأزرق العملاق فوق الأفق، ليضيء المكان بهالة سحرية. كان شروق القمر مشهدًا نادرًا، اُلتقطت فيه عشرات الصور التذكارية، مستعيدًا حضوره الفلكي الذي لم تشهده فلسطين منذ ديسمبر 2009، ولن يتكرر إلا في آذار 2037.
من أعالي جبال أريحا، ظهر البحر الميت تحت ضوء القمر العملاق، عاكسًا أضواء الفنادق على الضفة الأردنية وبين جنبات جبال أريحا، أقدم مدن العالم (10,000 ق.م)، سارَ الفريق بين الصخور الكلسية والسهول الجافة التي لا يتجاوز مطرها 200 ملم سنويًا.
ورغم قساوة البيئة، كانت الأرض تحتفظ بحرارة النهار لتطلقها مع نسمات الليل، مانحة المشّائين تجربة حسية بين دفء الأرض ورطوبة الهواء.
محمد سمامرة وهو مرشد الفريق في الصحراء، يرى أن "الصحراء ليست قاحلة كما يظن بعضٌ؛ هي وديان وهمسات صخور، الصحاري تُخفي أسرارها لمن يجرؤ على المشي فيها".
ويختصر لنا البيداء قائلاً: "كل خطوة هناك تكشف وجهًا جديدًا للحياة، وتحمل قصص حضارات وأديانًا وممالك قديمة تنتظر من ينصت لها."
![]() | ![]() |
عبد الفتاح حجه منظم وقائد مسارات فريق أمش وتعرف على بلدك قبل بدء مسار القمر الأزرق | عبد الفتاح دولة خلال توثيق احد المسارات البيئية |
القمر الأزرق بين الفلك والبيئة والموروث
لم يحمل فريقنا هذه المرة أدوات الرصد الفلكي الثقيلة ولا التلسكوبات، بل حملنا قلوبنا وعيوننا العاشقة للسماء، لنقف معًا في حضرة مشهد سماوي نادر؛ إنه ظهور القمر الأزرق العملاق، الذي بدا أكبر حجمًا وأكثر إشراقًا من المعتاد، لأنه اقترب في مداره من أقرب نقطة إلى الأرض، في مواجهة مباشرة مع الشمس.
تصف المهندسة ديما عرسان لـ"آفاق البيئة والتنمية" رحلتها: "سرنا 25 كلم من التحدي بين دروبٍ تسكنها السكينة، وجبالٍ تعانق السماء، وسكونٍ لا يقطعه إلا وقع أقدامنا ونبض قلوبنا، عبرنا الوديان، تسلقنا المرتفعات، وامتزج العَرق بالحلم في مسار ليلي ساحر فيه المتعة والمخاطر".
وتشبّه عرسان تسلّق جبال برية القدس في الليل الدامس مع الفريق بـ "اختبار جسدي ونفسي"، فالجبال هنا تُعلّمك الصبر والتوازن، والحجارة التي نمشي عليها هي ذاكرة وتاريخ وصمود آلاف السنين، حسب حديثها.
![]() | ![]() |
الباحث خالد أبو علي خلال المسار الليلي لمشاهدة ظاهرة القمر الأزرق العملاق | اطلالة على البحر الميت من جرف صخري حاد خلال احد المسارات الليلية |
المصطلح الفلكي
مصطلح القمر الأزرق أو ما يُعرف علميًا بـ Supermoon، يشير إلى اكتمال القمر مرتين في شهر واحد، وهي ظاهرة لا تتكرر إلا كل عامين ونصف تقريبًا. لكن اجتماع صفتين معًا، أي أن يكون القمر أزرقًا وعملاقًا، لا يحدث إلا كل عقد أو عقدين، فتغدو لحظات الرؤية حدثًا تاريخيًا يتجاوز حدود الزمان والمكان.
ما وراء اللون والرمزية
كثيرون قد يتوهمون أن القمر سيكتسي باللون الأزرق، غير أن الاسم لا علاقة له بالألوان، بل يرتبط بندرة الحدوث. فالتسمية مشتقة من التعبير الإنجليزيonce in a blue moon، أي "مرة في القمر الأزرق"، للدلالة على الشيء النادر؛ وهكذا ظل القمر مضيئًا بلونه الفضي المعروف حتى صباح يوم الجمعة، ليعكس نورًا يربط الأرض بالسماء، والإنسان بذاكرة الطبيعة.
بُعد وطني وتراثي
ظل القمر في موروثنا الشعبي الفلسطيني رمزًا للجمال والسيادة والرفعة، أنيسًا يضيء وحشة الليل. وقد تسلّل إلى الشعر الشعبي والأسماء الشخصية (قمر، بدر، هلال)، ليصبح رفيق الروح والوجدان، ورمزًا وطنيًا يذكّر الفلسطينيين بصفاء السماء فوق أرض مثقلة بالاحتلال.
كما ارتبط القمر بالحنين والأغاني والليالي الفلسطينية العامرة بالدفء، وهذا الحدث لم يكن مجرد مشاهدة علمية، بل امتدادًا لذاكرتنا الجمعية التي تعودت على أن ترفع عينيها نحو السماء بحثًا عن الأمل؛ فكما يضيء القمر الأزرق ليل الأرض كل عقدين، يضيء الحلم الفلسطيني سماء التاريخ مهما طال الغياب.
![]() | ![]() |
اعضاء الفريق خلال المسار الليلي لمشاهدة الظاهرة الفلكية لخسوف القمر الكلي | القمر الأزرق العملاق خلال المسار الليلي - تصوير محمود معطان |
فولكلور الطبيعة والريف
بعد أسابيع قليلة، حان موعد مسار بيئي أكثر حميمية مع القمر، حيث استقبل الفريق "قمر الحصادين" الذي ارتبط تاريخيًا بمواسم الزراعة.
تزامنَ ظهور القمر الأزرق العملاق مع إرث طويل من أسماء الأقمار في الفلك الشعبي، إنه قمر الحصادين الذي يسطع في أواخر الصيف وبداية الخريف.
يحكي أحمد جرغون لـ "آفاق البيئة" بتأثر بالغ: "حين انعكس قمر الحصادين على البحر الميت، أدركت أن هذه البلاد لوحة لا تُختصر، وأن الليل في الأغوار يعلّمك أن البحر الميت ليس مجرد بقعة على الخريطة، بل فضاء علاجيًا وسياحيًا وروحيًا في الوقت ذاته".
واسترسل في وصفه: "انعكاس القمر على مياه البحر جعل كل خطوة في المسار رحلة بين الأسطورة والجغرافيا."
ويرى جرغون أن الدور الذي يجب أخذه على عاتقنا "إعادة شغف اكتشاف الوطن للأجيال الشابة خطوة بخطوة".
ولم يكن القمر مجرد جرم سماوي في مسار الفريق الليلي، بل رمزًا للذاكرة هنا، حيث التقت خطوات المشائين في فريق "امشِ وتعرف على بلدك " مع ظلال الماضي، ليشعر الجميع أن القمر رفيق دائم للإنسان الفلسطيني في ليله ونهاره.
وفي السياق، تخبرنا بحماس المشّاءة جهاد حامد التي شاركت في جميع المسارات الليلية: "في تراثنا الشعبي، كان المزارعون الفلسطينيون يستضيئون بنور القمر لإتمام الحصاد في ليالي الخريف، ليصبح رفيق الروح والوجدان، ورمزًا وطنيًا يذكّر الفلسطينيين بصفاء السماء فوق أرض مثقلة بالاحتلال".
![]() | ![]() |
اعضاء الفريق خلال سيرهم في جبال اريحا لمشاهدة ظاهرة القمر الأزرق العملاق | صورة تجمع اعضاء فريق امشي وتعرف على بلدك خلال مسار ليلي |
مسار الليل تحت القمر الدموي
في ليلة استثنائية من ليالي فلسطين، حيث تتزين سماء القدس وصروحها بوجه القمر الدامي، انطلق فريقنا في رحلة أسطورية بطول 25 كيلومترًا من بين جدران دير "مار سابا" العريق في العبيدية قرب بيت لحم، المعلّقة على حافة الصحراء، عبر وادي النار.
سألنا نجاح هريش عن شعورها عندما تمشي بين الجبال والسهول، فقالت: "وكأنني أرى فلسطين بعيون جديدة في كل مرة، كأنني أكتشفها من جديد، إذا ما تحدثنا عن مسار القمر الدموي، فهذا الحدث الفلكي شكلّ لنا نافذة تربطنا بعمق التاريخ وبالذاكرة الإنسانية، التي لطالما جعلت من القمر رمزًا للجمال والرهبة."
وبشأن خط سير المسار، يفصّل المشّاء علي عصفور: "تقاطعَ مسارنا مع وادي البقوق، وبئر عبد ربه، قبل الوصول إلى خربة المرد، حيث تقف أطلال قلعة رومانية من زمن الملك هيرودوس، شاهدة على ذاكرة المكان وصراع الحضارات، ومن هناك هبطنا إلى " كروم العجوز"، ثم تابعنا المسير نحو منطقة "الطبقة" ومغاورها القديمة، "مغاير المكاري"، ثم إلى أطراف وادي "عامرية"، وأخيرًا هبطنا إلى "وادي السمارة"، حيث المسار بين الجبال والجروف الصخرية، في ظلام دامس يختبر الإرادة".
وبعدسته الجميلة؛ يوثق عبد الفتاح دولة المسارات البيئية، فكل مسار عنده هو رحلة معرفة وتعلّم من الجغرافيا كما التاريخ، موضحاً: "في رحلة كهذه، ندرك أن فلسطين أكبر من حدود السياسة، المسار هو فصل مفتوح من كتاب الطبيعة الفلسطينية؛ كل جبل وسهل ووادٍ يروي قصة، ونحن نكتشفها بخطواتنا ونوثقها بعدستنا ونحميها بحدقات عيوننا، وخطواتنا على الأرض هي صكوك ملكية لنا."
![]() | ![]() |
الطبيعة القاسية تبدو على جبال أريحا خلال احد المسارات البيئية | احدى عضوات الفريق خلال مسار ليلي تشير الى القمر الأزرق العملاق |
لحظة القمر الدموي
في ليلة، الأحد 7 أيلول 2025، كان العالم يترقب خسوفًا كليًا للقمر، أما هنا، في سماء فلسطين، فالمشهد أخذ بعدًا آخر، إذ شاهد الفريق صعود القمر من الشرق عند غروب الشمس (18:52)، ليبدأ الخسوف الجزئي الساعة (19:27)، ثم دخل في قلب ظل الأرض في تمام الساعة (20:30)، وتحول إلى قرص نحاسي أحمر، كأنه جرح سماوي يعكس وجع الأرض وأسطورتها، وعند الساعة (21:31) بلغ الخسوف ذروته، ثم انسحب شيئًا فشيئًا حتى استعاد القمر بياضه الكامل عند (22:56)
التقط منصور شاهين وهو مرشد في الفريق، صوراً للقمر الدموي في أوّج خسوفه، ويا لها من ظاهرة فلكية ساحرة، قيل حولها إن القمر بهذه الهيئة يكون نذيرًا للحروب وأيضًا رمزًا للخصب والأمل.
يقول شاهين: "اليوم، ورغم التفسير العلمي، يبقى مشهد القمر قادرًا على إيقاظ تلك الرهبة القديمة في قلوبنا، كأن السماء ما زالت تروي لنا أساطيرها بلغة الضوء والدم."
تحت سماء برية وصحراء القدس، عاش الفريق في المسار البيئي ـالجغرافي، مراحل خسوف القمر كافة وحتى ظهور القمر الدموي، وكانت حقاً مغامرة ورحلة في طبقات الأرض والتاريخ والروح، رافقها قمر دموي وحدّنا جميعًا تحت قبة السماء، ليذكرّنا بأن فلسطين قلب الكون وحارس السماء.
مشاعر دفاقة تدافعت في صدر ريمون عواد معبراً عن اندهاشه: "من أريحا إلى القدس، من القمر الأزرق إلى المطر، رأيت كيف تتعانق السماء مع الأرض. فلسطين ليست مقاطع متفرقة، إنما لوحة متكاملة ترسمها الطبيعة، في كل مسار أرى كيف يلتقي القمر مع البحر والوديان مع الجبال؛ لتؤكد لنا أن فلسطين لوحة واحدة لا تتجزأ."
![]() | ![]() |
القمر الأحمر الدموي كما يظهر في سماء فلسطين – تصوير موسى السلوادي | صورة تظهر بدء خسوف القمر في جبال اريحا خلال المسار الليلي |
القمر الدموي بين الأسطورة والذاكرة
قديماً؛ كانت الجدات يقلن "الأرض تبكي دمها في وجه القمر"، وكانت الأمهات ينهين الأطفال عن التحديق فيه خوفًا من المرض أو سوء الطالع.
ومنذ فجر التاريخ، أثار القمر الدموي رهبة الإنسان، فارتبط في المخيلة الشعبية بالدماء والحروب والمجاعات، قبل أن تكشف العلوم الحديثة أنه مجرد خسوف قمري تلوّنه الأرض بحمرة غروبها.
وفي الذاكرة الشعبية الفلسطينية، كان القمر الأحمر الدموي يُشبّه بالجرح في السماء، نذير حرب أو مجاعة، أو أسطورة عن نمر سماوي يبتلع القمر، أو دماء تسيل على الأرض.
ورغم رهبة المشهد، ربط الفلاحون أحيانًا القمر الدموي بالخصب، معتبرين أنه بشير بموسم وفير، إذ تجتمع فيه دلالات الدم والزرع والحياة.
والقمر في التراث الفلسطيني رمز للجمال والخير والسيادة والرفعة، وشاهد على دورة الزمن، وقرين للذاكرة الجمعية الريفية، للغناء الشعبي، وللصورة الشعرية التي خلّدت القمر في أسماء وأشعار وأهازيج.
![]() | ![]() |
الباحث خالد ابو علي يشير الى القمر الأحمر الدموي خلال المسار الليلي | المشاء ماهر ثلجي احد المساعدين الأساسيين في الحفاظ على أمن وسلامة الفريق |
رسالة بيئية ووطنية
من بيت لحم وأريحا إلى القدس، من القمر الأزرق العملاق إلى قمر الحصادين إلى القمر الدموي، ومن العواصف إلى صفاء الليل، جسدت هذه المسارات الثلاثة رحلة اكتشاف لفلسطين بوجهها الطبيعي والفلكي والتاريخي.
وقد حرص مرشد الفريق ماهر ثلجي على السير خلف المشائين في مسار القمر الدموي الليلي ليساعد من تعبَ في الطريق، مستحوذاً عليه الشعور بالمسؤولية تجاه المشاركين، مبينًا: "يهمني أن أطمئن أن لا أحد يتعثر أو يتخلّف عنا، فالمسار رحلة جماعية لا يَترك وراءه أحدًا."
ويختم قائد الفريق عبد الفتاح حجة حديثه عن المسار الذي يتجلى فيه البعد البيئي والوطني، بتأكيده مجدداً أن المسارات مغامرات بيئية في الطبيعة ودعوة للحفاظ على التنوع البيئي، وحماية للحياة البرية، وصون للإرث التاريخي والروحي لفلسطين.
مضيفًا: "يحمل المسار كذلك رسالة وطنية مفادها أن القمر شاهد على صمود الأرض وأهلها، وأن المشي في الطبيعة الفلسطينية هو شكل من أشكال المقاومة، للحفاظ على البيئة والذاكرة معًا".
![]() | ![]() |
اطلالة على البحر الميت من جرف صخري حاد خلال احد المسارات البيئية | فرحة الصحفي محمد غفري خلال مشاهدته القمر في المسار البيئي الليلي |
![]() | ![]() |
الدليل محمد سمامره أحد الخبراء في طبيعة وبرية وصحراء القدس | الباحث خالد أبو علي خلال توثيقه الطبيعة والجبال المطلة على البحر الميت |
![]() | ![]() |
القمر الأزرق العملاق بعدسة المشاء الكابتن منصور شاهين | احفورة على صخرة التقطتها عدسة الباحث خلال احد المسارات في جبال اريحا |
![]() | ![]() |
صورة تظهر نصف خسوف القمر في جبال اريحا خلال المسار الليلي | |
![]() | ![]() |
الأغوار الأردنية كما تظهر في الجانب الآخر للبحر الميت خلال مسار القمر الدموي | اعضاء الفريق في استراحة على مطل عيون الفشخة لنهاية مسار ليلي بطول 25 كيلومتر |
No comments:
Post a Comment