الفحم الحيوي.. سرّ التسميد الأنظف والأسرع والأقل انبعاثًا.. أسرع وأنظف وأكثر استدامة

 الأراضي المقدسة الخضراء / GHLands

يُعدّ التسميد وسيلة مثالية لتحويل المخلفات إلى تربة غنية بالعناصر الغذائية، لكنه ليس خاليًا من الأضرار، إذ يطلق غازات ضارة مثل الميثان والأمونيا وأكسيد النيتروز، تسهم جميعها في زيادة الاحتباس الحراري.
لكن دراسة جديدة من جامعة سيتشوان الزراعية بالتعاون مع باحثين دوليين كشفت عن حل بسيط وفعّال، لا يعتمد على آلات أو مواد كيميائية، بل على الفحم الحيوي (Biochar).
الفحم الحيوي، الذي يبدو كغبار أسود، يُنتج بتسخين المواد النباتية مثل القش في بيئة منخفضة الأكسجين.
وقد استخدمه المزارعون منذ قرون لتحسين خصوبة التربة. إلا أن الأبحاث الحديثة أثبتت أنه يجعل عملية التسميد أسرع وأنظف وأكثر فائدة للبيئة

تسميد أسرع وأنظف بالفحم الحيوي

حلّل الباحثون بيانات 125 مشروع تسميد حول العالم، وجاءت النتائج متطابقة تقريبًا: إضافة الفحم الحيوي جعلت السماد ينضج بسرعة أكبر ويُطلق غازات أقل.
تقول الباحثة الرئيسية جيانمي زو: «الفحم الحيوي لا يُغني السماد فقط، بل يجعله أكثر نظافة أيضًا».
وأظهرت النتائج أن استخدامه يزيد مؤشر إنبات البذور بنسبة 25%، ويرفع نسبة النترات بـ32%، ويقلل الأمونيوم بـ35%.
كما انخفضت نسبة الكربون إلى النيتروجين بنسبة 5%، ما يعني تحللًا أسرع وسمادًا أنقى وأقل فقدًا للعناصر الغذائية.

الفحم الحيوي يقلل الانبعاثات الدفيئة

رغم أن التسميد يبدو عملية بيئية، إلا أنه ينتج غازات دفيئة قوية. غير أن إضافة الفحم الحيوي خفّض انبعاثات الميثان بنسبة 51%، وأكسيد النيتروز بنسبة 43%، والأمونيا بنحو النصف، وهي نتائج وُصفت بأنها «تحوّل نوعي في الزراعة المستدامة».
يُفسَّر ذلك بفضل البنية المسامية للفحم الحيوي التي تسمح بمرور الهواء داخل كومات السماد، ما يقلل نشاط الميكروبات المولدة للميثان، ويُبقي النيتروجين داخل التربة بدلًا من تسربه إلى الجو.

فوائد الفحم الحيوي

الخليط المثالي للتسميد الحيوي

حددت الدراسة أفضل تركيبة لتحقيق النتائج المثالية: فحم حيوي مصنوع من القش بدرجة حرارة تزيد على 400 مئوية، بنسبة 12% من إجمالي المزيج، مع رطوبة تتراوح بين 55 و60%. هذه التركيبة أنتجت سمادًا ناضجًا وثابتًا، قليل الرائحة وغني بالعناصر.
كما أوصت الدراسة بنسبة كربون إلى نيتروجين بين 24 و28 في بداية العملية لضمان تحلل متوازن، مشيرة إلى أن المسام الصغيرة في الفحم الحيوي توفر بيئة مثالية لنمو الميكروبات المفيدة التي تُسرّع التحلل وتحافظ على العناصر الغذائية

من المخلفات إلى مورد مستدام

يمنح الفحم الحيوي ميزة مزدوجة: فهو يُحسّن جودة السماد ويقلل الانبعاثات، ويتيح في الوقت نفسه الاستفادة من بقايا المحاصيل والمخلفات الزراعية. وبذلك يتحول الهدر إلى مورد، والسماد إلى أداة لمكافحة تغير المناخ.
توصي الدراسة بمواصلة تتبع مؤشرات مثل الأحماض الدبالية والكربون العضوي الذائب لقياس أثر الفحم الحيوي على خصوبة التربة على المدى الطويل.

كربون قديم، هدف حديث

منذ قرون استخدم مزارعو الأمازون الفحم النباتي لتحسين تربة الغابات المطيرة، واليوم تؤكد الأبحاث العلمية فعالية تلك الممارسة القديمة.
فالفحم الحيوي لم يعد مجرد مكوّن زراعي، بل أصبح أداة من أدوات المناخ الحديثة.
بدعم من نتائج الدراسة المنشورة في دورية Biochar X، يتضح أن خطوة بسيطة مثل إضافة الفحم الحيوي إلى السماد يمكن أن تُحدث فرقًا كبيرًا: تسميد أسرع، هواء أنظف، وتربة أكثر خصوبة. نقلا عن موقع المستقبل الأخضر