الأراضي المقدسة الخضراء / GHLands
ديدان الأرض تثبت أنها حلفاء غير متوقعين في مكافحة تلوث التربة بالبلاستيك.
في دراسة حديثة بالمشاتل، وجد الباحثون أن الديدان ساعدت محصولًا شائعًا على التعافي في تربة ملوثة بالميكروبلاستيك.
أظهرت النتائج أن النباتات نمت بنسبة تقارب 50٪ أكبر عند وجود الديدان.
تركزت التجربة على نبات “البرسيم الصيني” وهو نبات مثبّت للنيتروجين يستخدم على نطاق واسع في آسيا لتحسين خصوبة التربة بين الحصاد.
أُجريت التجارب في مدينة كونمينح بالصين، حيث زرع العلماء النباتات في أواني تحتوي على كميات مختلفة من جسيمات الميكروبلاستيك.
نُشرت الدراسة في دورية Environmental Chemistry and Ecotoxicology.
ضغط البلاستيك الصامت على التربة
تستمر الزيادة العالمية في إنتاج البلاستيك في إدخال جسيمات دقيقة إلى الحقول، وفقًا لتقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، حيث تضاعف إنتاج البلاستيك بين 2000 و2019 بينما ظل معدل إعادة التدوير منخفضًا.
ركزت الدراسة على الميكروبلاستيك، وهو قطع بلاستيكية صغيرة تقل عن 5 مليمترات، تلتصق بالجذور وتعيق مرور الماء والعناصر الغذائية، مما يضع ضغوطًا صامتة على نظم الغذاء.
قاد البحث الدكتور هايلونج وانج من جامعة كونمينج، الذي يركز على تلوث التربة وإجهاد النباتات واستعادة البيئة الطبيعية.
وأوضح وانج: “أبحاثنا تكشف أن ديدان الأرض يمكنها تخفيف الآثار السلبية للميكروبلاستيك على نمو النبات من خلال تنظيم التعبير الجيني للنباتات.”

الديدان والميكروبلاستيك
في التجارب، زُرع البرسيم الصيني في تربة مدمجة مع ميكروبلاستيك البولي بروبيلين، ثم أضيفت الديدان. وُقيس طول النبات ووزن الجزء الهوائي، إلى جانب الصبغات والمغذيات وعلامات الإجهاد.
خفضت نسبة واحد بالمئة من ميكروبلاستيك البولي بروبيلين طول النبات بحوالي 28٪ ووزن الجزء الهوائي بحوالي 20٪، بينما أضافت الديدان زيادة حوالي 50٪ في الطول و32٪ في الوزن الجاف للجزء الهوائي.
الديدان تغني التربة
زادت الديدان من محتوى الكربون العضوي، والنيتروجين الكلي، والأمونيا، والفوسفور المتاح، كما رفعت نشاط الإنزيمات المسؤولة عن تحرير المغذيات.
أظهرت هذه المكاسب في منطقة الجذور المحيطة بالنبات، ما عزز تدفق النيتروجين والفوسفور إلى البرسيم. وارتفع نشاط إنزيمات رئيسية مثل الفوسفاتاز الحمضي، واليورياز، والسوكراز، مما دعم دورة أسرع للمغذيات ونشاطًا أقوى للتنفس في التربة.

التعاون الميكروبي تحت الأرض
غيرت الديدان تشكيلة البكتيريا والفطريات قرب الجذور، حيث أصبحت العائلات المرتبطة باستخدام الكربون وإطلاق الفوسفور أكثر شيوعًا، بينما فقدت بعض المجموعات المرتبطة بالإجهاد موطئ قدمها.
زادت شبكة العلاقات بين البكتيريا، ما يشير إلى نظام ميكروبي أكثر صلابة لمواجهة الضغط البيئي. وانخفضت درجة حموضة التربة قليلًا، مما زاد من توافر المغذيات وتحسين تغذية النبات.
تغيرات داخل الجذور
لم تقتصر تأثيرات الديدان على التربة فقط، بل ارتبطت بتغيرات داخل الجذور تعزز النمو تحت الإجهاد، بما في ذلك نشاط أقوى للريبوسومات، وارتفاع التعبير الجيني المرتبط بمسارات الطاقة وتكوين الصبغات.
المهندسون الطبيعيون للتربة
تُعرف ديدان الأرض أحيانًا بـ”المهندسين البيئيين”، لأنها تعيد تشكيل بيئتها لتفيد العديد من الكائنات الأخرى، عبر تحسين تهوية التربة وحركة الماء وإضافة المغذيات.
يمكن لهذه الخصائص أن تساعد التربة الزراعية على التعافي من ضغوط البلاستيك التي تعيق تبادل المغذيات والماء بين الجذور وجزيئات التربة.
تشير التقديرات إلى أن أكثر من 80٪ من تلوث الميكروبلاستيك في الأرض ينتهي في الأراضي الزراعية، مما قد يقلل تدريجيًا من خصوبة التربة.
وقد توفر الديدان وسيلة بيولوجية منخفضة التكلفة لمساعدة المزارعين على حماية المحاصيل وتقليل الاعتماد على الأسمدة الكيميائية.
حدود الديدان
تختصر الدراسات المخبرية الواقع المعقد للحقول، حيث تحتوي التربة الزراعية غالبًا على بلاستيك أقل بكثير من نسبة 1٪ المستخدمة في التجربة.
ويمكن لبعض أنواع البلاستيك وتركيزاتها أن تؤثر سلبًا على الديدان نفسها، مما يستدعي الحذر عند تطبيق النتائج على المزارع.
حل عملي للتربة
يستخدم البرسيم الصيني كغطاء أرضي يعيد النيتروجين إلى التربة، وإذا عززت الديدان نموه في التربة الملوثة بالبلاستيك، فقد يساعد المزارعين على استعادة الخصوبة مع تقليل مدخلات الأسمدة الصناعية.
وقد أظهرت تجارب مشابهة على الطماطم تأثيرات إيجابية مماثلة عند مستويات بلاستيك أقل بكثير.
رغم أن الحلول الطبيعية ليست علاجًا كاملًا لتلوث البلاستيك، إلا أنها توفر وقتًا للتربة المتأثرة بينما تُعالَج سياسات الصناعة وإدارة النفايات على نطاق أوسع.

No comments:
Post a Comment