عندما يلتقي المناخ بالحرب: آثار غزة تتصدر نقاشات COP30

الأراضي المقدسة الخضراء / GHLands

مع اقتراب اللحظات الحاسمة من مؤتمر المناخ (COP30) في البرازيل، تبرز على الهامش قضية غير تقليدية تتجاوز النقاشات التقنية المعتادة: الحرب على غزة وتأثيراتها البيئية الواسعة، وما إذا كان العالم مستعدًا للاعتراف بأن النزاعات المسلحة تُقوّض الجهود المناخية عالميًا.

بالنسبة لأحمد أبو ظاهر، مدير المشاريع والعلاقات الدولية في سلطة جودة البيئة الفلسطينية، والذي قدم من رام الله إلى مدينة بيلم، فإن تجاهل “الحقيقة الواضحة” في غزة—وهي الاحتلال والمستوطنات والحروب المتواصلة—أمر غير ممكن. ويؤكد أن تثبيت وقف إطلاق النار في غزة ووقف الاعتداءات في الضفة يشكلان شرطًا أساسيًا لتمكين الفلسطينيين من تنفيذ أي خطط للتكيف المناخي.

انهيار بيئي غير مسبوق

تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى دمار واسع النطاق، إذ تضررت 80% من البنية التحتية في غزة خلال العامين الأخيرين، إلى جانب مقتل أكثر من 69,182 فلسطينيًا. وتأثرت جوانب الحياة كافة:

• محطات معالجة مياه الصرف الصحي الست تعرضت لتدمير كبير، ما أدى إلى تدفق المياه الملوثة مباشرة تجاه المناطق السكنية.

• شبكات الكهرباء انهارت وتعرضت أنظمة الطاقة الشمسية للضرر أو النهب.

• تراكم أكثر من 60 مليون طن من الأنقاض، قد يحتوي نحو 5 ملايين طن منها على مادة الأسبستوس السامة، ما يجعل إعادة الإعمار تحديًا بيئيًا معقدًا وطويل الأمد.

انبعاثات الحرب… تأثير يفوق دولًا بأكملها

ورغم غياب دراسات رسمية توثق الانبعاثات الناتجة عن العمليات العسكرية، إلا أن الأبحاث المستقلة تقدم صورة مقلقة.
يقول باتريك بيجر، مدير الأبحاث في معهد المناخ والمجتمع، إن إسرائيل “لا يمكنها الادعاء بأنها رائدة في العمل المناخي بينما تتسبب غاراتها في تدمير بيئة غزة”.

وتبرز دراسة شارك في إعدادها الباحث بنيامين نيمارك، نشرتها الغارديان، تُظهر أن انبعاثات الأشهر الـ15 الأولى من الحرب تفوق الانبعاثات السنوية لمئة دولة—في ظل غياب إلزامية الإبلاغ عن الانبعاثات العسكرية في سياسات الأمم المتحدة.

حضور فلسطيني بارز داخل المؤتمر وخارجه

خلال فعاليات المؤتمر، رفع مئات النشطاء الكوفيات ورددوا شعار:
"لا عدالة مناخية دون عدالة لفلسطين".

وتنوعت مطالب النشطاء بين الدعوة إلى وقف توريد الوقود لإسرائيل والمطالبة بإخراجها من منظومة الأمم المتحدة للمناخ.
وقالت آنا سانشيز، من حملة “حظر الطاقة العالمي من أجل فلسطين”:
“لا يمكن الحديث عن إنهاء عصر الوقود الأحفوري بينما نسمح باستخدامه كسلاح للحرب”.

ورغم أن أبو ظاهر تجنب التعليق على هذه المطالب، فإنه أبدى تأييده لإقرار نظام شفاف للإبلاغ عن الانبعاثات العسكرية باعتباره خطوة ضرورية لتحقيق عدالة مناخية حقيقية.

الصراع والمناخ… معادلة لا يمكن فصلها

يرى الخبراء أن الحرب في غزة ليست حالة استثنائية، بل مثال صارخ على التداخل المتزايد بين الأمن والسياسة والمناخ. ويعمل مشروع “الأمن الانتقالي”، الذي ينفذه بيجر ومنظمات دولية، على توثيق هذه الروابط وفهم كيفية تأثير النزاعات على الجهود المناخية حول العالم.

ويحذر أبو ظاهر من أن تجاهل الحروب ضمن أجندة المناخ “لن يعيق تحقيق العدالة للفلسطينيين فقط، بل سيؤثر على التقدم المناخي العالمي كله”. ويضيف:
“قد تكون فلسطين المثال الأكثر قسوة، لكنه ليس الوحيد. ما يحدث في مكان ما من العالم ينعكس على بقيته.”

ومع تزايد هذه التحذيرات، يطرح المشاركون في المؤتمر سؤالًا جوهريًا:
هل يستطيع المجتمع الدولي أن يتعامل مع الحرب والمناخ كقضية واحدة مترابطة… قبل أن يفوت الأوان؟