???????

Sunday, December 28, 2025

أفريقيا تدفع ثمنا «قاتلًا» لأزمة لم تتسبب فيها.. حرارة أعلى وجفاف وفيضانات

 الأراضي المقدسة الخضراء / GHLands



تشهد أفريقيا  وتيرة احترار أسرع من المتوسط العالمي، حيث تؤدي موجات الحر المتزايدة، واختلال أنماط الأمطار، والظواهر الجوية المتطرفة إلى إعادة تشكيل سبل العيش، رغم الدور المحدود للقارة في التسبب بأزمة المناخ .

وتدفع الصدمات المناخية ملايين الأفارقة نحو انعدام الأمن الغذائي , وشح المياه، والمخاطر الصحية، والنزوح القسري، في وقت تتراجع فيه مكاسب التكيف والطاقة النظيفة أمام فجوات التمويل وتسارع التأثيرات المناخية.


أثار تغير المناخ في افريقيا – جفاف

أفريقيا وتغير المناخ.. مفارقة قاسية

لم تسهم أفريقيا إلا بنسبة ضئيلة في أزمة المناخ، لكنها تتحمل بعضًا من أقسى تداعياتها، وقد شدد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، في نوفمبر الماضي، أمام قادة مجموعة العشرين في جوهانسبرج، على أن أفريقيا ستدفع «ثمنًا قاتلًا» لتغير المناخ رغم أنها لم تتسبب فيه إلا بدرجة محدودة.

هذا التحذير يعكس واقعًا يتجسد بالفعل على امتداد القارة، إذ أعادت درجات الحرارة المرتفعة، والأمطار غير المنتظمة، والطقس المتطرف تشكيل النظم البيئية وسبل المعيشة من منطقة الساحل إلى القرن الأفريقي.

تغير المناخ في أفريقيا بالأرقام

ارتفعت درجات الحرارة في أفريقيا بشكل مطّرد منذ عام 2000، مع تسارع واضح في وتيرة الاحترار، وسجلت شمال أفريقيا أسرع معدلات الارتفاع بنحو 0.4 درجة مئوية لكل عقد بين عامي 1991 و2023، أي ضعف المعدل المسجل بين 1961 و1990، في حين بلغ المعدل في جنوب القارة نحو 0.2 درجة مئوية لكل عقد، وفق المنظمة العالمية للأرصاد الجوية.

وفي عام 2024، تجاوز متوسط درجة حرارة أفريقيا المعدل المرجعي للفترة 1991–2020 بنحو 0.86 درجة مئوية، بينما وصل الارتفاع في شمال أفريقيا إلى 1.28 درجة مئوية، وأكدت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أن النشاط البشري هو السبب الرئيسي لهذا الاحترار.

كما شهدت أنماط الأمطار تغيرات حادة، مع زيادة حدة الأمطار الغزيرة والفيضانات في شرق وغرب ووسط أفريقيا، مقابل تكرار موجات الجفاف  طويلة الأمد في مناطق أخرى.

تباين التأثيرات المناخية بين الأقاليم

  •  شمال أفريقيا: ضغوط متزايدة على المياه والغذاء
  •  شرق أفريقيا والقرن الأفريقي: جفاف متكرر ومتعدد السنوات
  •  غرب أفريقيا ومنطقة الساحل: اضطراب الأمطار وتفاقم عدم الاستقرار
  •  وسط أفريقيا: عواصف تعطل النظم البيئية والحياة البرية
  •  جنوب أفريقيا: خسائر اقتصادية مرتبطة بالجفاف

البيئة تحت الضغط

تحولت غابات أفريقيا، التي كانت تمثل مخزنًا طبيعيًا للكربون، إلى مصدر صافٍ لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون نتيجة إزالة الغابات وتدهورها.
وفقدت جمهورية الكونغو الديمقراطية وحدها نحو 52 مليون فدان من الغطاء الشجري بين عامي 2001 و2024، ما أدى إلى إطلاق نحو 13 جيجا طن من ثاني أكسيد الكربون.

وفي المقابل، شهدت أجزاء من منطقة الساحل تعافيًا بيئيًا تدريجيًا منذ موجات الجفاف القاسية في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، بدعم من زيادة الأمطار ومبادرات يقودها المزارعون لاستعادة الغطاء النباتي في دول مثل بوركينا فاسو والنيجر.

أما القرن الأفريقي، فيواجه تفاقمًا في ندرة المياه، حيث تسببت موجات الجفاف بين عامي 2021 و2023 في معاناة أكثر من 24 مليون شخص من نقص المياه  وتدهور الأمن الغذائي .

أثار تغير المناخ في افريقيا – جفاف

السواحل في مواجهة ارتفاع البحار

تشهد السواحل الأفريقية ارتفاعًا في مستويات سطح البحر بمعدلات تفوق المتوسط العالمي، ما يؤدي إلى تآكل الشواطئ، والفيضانات الساحلية، وتداخل المياه المالحة، خاصة على سواحل المحيط الهندي وغرب أفريقيا.

الثمن الإنساني لتغير المناخ

عانى نحو 55 مليون شخص في غرب ووسط أفريقيا من انعدام الأمن الغذائي خلال موسم الشح في عام 2024، بزيادة أربعة أضعاف مقارنة بخمس سنوات مضت. كما تراجعت معدلات نمو الإنتاجية الزراعية في أفريقيا بنسبة 34% منذ عام 1961، وهو الانخفاض الأكبر عالميًا.

وعلى الرغم من نمو عدد السكان من 800 مليون إلى 1.3 مليار نسمة بين عامي 2000 و2020، لا يزال مئات الملايين يفتقرون إلى مياه شرب آمنة، ويعاني نحو 250 مليون أفريقي من الإجهاد المائي، بينما يُتوقع أن يؤدي شح المياه إلى نزوح ما يصل إلى 700 مليون شخص بحلول عام 2030.

الصحة تحت تهديد المناخ

ترتفع المخاطر الصحية المرتبطة بتغير المناخ، إذ يُتوقع أن تتسبب الحرارة وسوء التغذية والملاريا وأمراض الإسهال في وفاة إضافية لنحو 250 ألف شخص سنويًا عالميًا بين 2030 و2050، على أن تسجل أفريقيا أكثر من نصف هذه الوفيات. كما ارتفعت الوفيات المرتبطة بالحرارة بين من تجاوزوا 65 عامًا بنسبة 83%.

أثار تغير المناخ في افريقيا 

السياسات والتمويل والتكيف

منذ مطلع الألفية، أولت الحكومات الأفريقية اهتمامًا متزايدًا بالتكيف، عبر أنظمة الإنذار المبكر , والبنية التحتية المرنة، والزراعة الذكية مناخيًا، كما تسارعت وتيرة نشر الطاقة المتجددة ، بدعم من تمويل المناخ , لتحسين الوصول إلى الكهرباء وخفض الانبعاثات .

ورغم ذلك، لا تزال أعباء الديون، والفجوات السياسية، ونقص التمويل تعرقل التقدم، إذ تُقدّر احتياجات التكيف في أفريقيا بنحو 70 مليار دولار سنويًا، بينما لم تحصل القارة سوى على 14.8 مليار دولار من تمزيل المناخ في عام 2023، مع توقع أن تصل خسائر وأضرار المناخ إلى ما بين 290 و440 مليار دولار بحلول 2030.

نظرة إلى المستقبل

مع اقتراب ارتفاع درجات الحرارة العالمية من 2 إلى 3 درجات مئوية، تواجه أفريقيا مخاطر متصاعدة، خاصة في المدن سريعة النمو، ورغم التحديات، تمتلك القارة إمكانات هائلة في الطاقة الشمسية والرياح، يمكن أن تسهم في خفض فقر الطاقة وتعزيز القدرة على الصمود، إذا جرى سد فجوة التمويل وتعزيز القدرات المؤسسية.


No comments:

Post a Comment