الأراضي المقدسة الخضراء / GHLands
في اكتشاف أثري لافت، تمكن فريق بحث متخصص في الآثار البحرية بقيادة الدكتور أهود جليلي من العثور على أقدم دليل معروف حتى اليوم على استهلاك الزيتون في فلسطين، يعود تاريخه إلى نحو 6600 عام. وقد جاء هذا الاكتشاف خلال مسح أثري تحت الماء قبالة السواحل الجنوبية لمنطقة الكرمل قرب حيفا، حيث ظهرت بقايا تدل على أن سكان المنطقة في ذلك العصر لم يستخدموا الزيتون فقط لاستخراج الزيت، بل كانوا يأكلونه أيضًا بعد معالجته.
يؤكد الباحث جليلي في دراسته التي نُشرت في مجلة Scientific Reports أن استخدام الزيتون لصناعة الزيت موثّق منذ آلاف السنين، سواء عبر الأدلة الأثرية أو المصادر التاريخية. إلا أن معرفة موعد بداية تناول الإنسان لحبّ الزيتون نفسه بقيت مسألة غامضة للعلماء لفترة طويلة. وتشير المكتشفات الجديدة إلى وجود موقع كان مخصصًا لتجهيز الزيتون وغسله تمهيدًا لكبسه، وهو ما شكّل مفاجأة علمية تُعيد النظر في تاريخ علاقة الإنسان بهذه الشجرة المباركة.
وتقع هذه المواقع الأثرية المكتشفة حاليًا في عمق البحر بسبب ارتفاع مستوى مياه المتوسط قبل نحو 6000 عام نتيجة ذوبان الجليد، الأمر الذي أدى إلى غرق العديد من القرى الساحلية القديمة. ومع ذلك، تمكن الباحثون من توثيق شواهد واضحة على نشاط بشري مرتبط بإعداد الزيتون للأكل، ما يجعل هذا الموقع من أهم الاكتشافات المتعلقة بالنظام الغذائي لسكان المنطقة في فجر التاريخ.
يعيد هذا الاكتشاف التأكيد على المكانة العريقة لشجرة الزيتون في فلسطين، ليس فقط كمصدر للزيت، بل كعنصر غذائي أساسي رافق الإنسان منذ آلاف السنين، وكجزء لا يتجزأ من التراث الزراعي والحضاري للمنطقة.



No comments:
Post a Comment