الأراضي المقدسة الخضراء / GHLands
يُعدّ تلّ رميدة في مدينة الخليل واحدًا من أقدم المواقع الأثرية في فلسطين، إذ يمتد تاريخه إلى نحو سبعة آلاف عام. وقد كشفت حفريات جرت في ثمانينيات القرن الماضي عن أجزاء من سور البلدة القديمة يعود إلى الفترة البرونزية الوسطى (القرنان 16–18 قبل الميلاد)، وأُعيد التنقيب فيه مجددًا في أيار–حزيران 2014. كما ظهرت في الموقع آثار لمبانٍ تعود إلى الفترة الحديدية الأولى (القرنان 10–12 قبل الميلاد) المرتبطة بنهاية العصر الكنعاني، إلى جانب بقايا من الفترة الحديدية الثانية (القرنان 7–8 قبل الميلاد).
وتشير أعمال التنقيب المتعاقبة إلى أن بداية الاستيطان في تل رميدة تعود إلى الألف الرابع قبل الميلاد في العصر الكالكوليثي، ثم العصر البرونزي القديم I، قبل أن يشهد الموقع توسعًا كبيرًا في العصر البرونزي القديم III (2800–2500 قبل الميلاد)، حيث قامت فيه مدينة محصّنة أُعيد ترميمها لتصل مساحتها إلى نحو 30 دونمًا.
وفي الفترة البرونزية الوسطى (2000–1600 قبل الميلاد) أُنشئت في الموقع مدينة جديدة محاطة بسور ضخم مبنيّ من حجارة كبيرة ومصقولة، ما يدل على أهمية المنطقة آنذاك. كما عُثر على لوح طيني مكتوب بالخط المسماري يُظهر وجود إدارة محلية ونشاط تجاري مع الممالك المجاورة. وقد هُجرت هذه المدينة لاحقًا، فيما أظهرت المكتشفات التي تعود إلى الفترة البرونزية المتأخرة (1200–1660 قبل الميلاد) وجود قبور وبعض الأواني الفخارية دون وجود طبقة حضرية واضحة.
وتجدد الاستيطان مجددًا في الفترة الحديدية الأولى (1200–1000 قبل الميلاد) حيث ظهرت قرية كبيرة، ثم شهد تل رميدة فجوة استيطانية في القرنين التاسع والعاشر قبل الميلاد قبل أن يعاد إعمار المنطقة في القرن الثامن قبل الميلاد، حيث ظهرت مبانٍ سكنية وصوامع.
وفي الفترة الهلنستية والرومانية القديمة (من 350 قبل الميلاد حتى القرن الأول الميلادي) كانت في الموقع مساكن خاصة، وانتهى هذا الاستيطان مع نهاية القرن الأول. وبعد انقطاع لعدة قرون عاد الاستيطان في الفترة الرومانية المتأخرة (القرنان 3–4 الميلاديان)، واستمر في الفترات البيزنطية والإسلامية الأولى ثم الصليبية والأيوبية والمملوكية والعثمانية، حيث انتقل مركز البلدة تدريجيًا إلى موقع البلدة القديمة الحالي.
وفي أعلى التل، في جهته الغربية، يقع مبنى قديم يُعرف باسم "دير الأربعين"، وهو حوش محاط بسور وبوابة تؤدي إلى ساحة مفتوحة، وقد استخدم كمسجد حتى منتصف تسعينيات القرن الماضي. وبعد مجزرة الحرم الإبراهيمي عام 1994 أعلن جيش الاحتلال الموقع منطقة عسكرية مغلقة، وتم تحويل المبنى إلى كنيس، ومنع دخول المسلمين إليه بذريعة "الأسباب الأمنية". ويعتبر المستوطنون اليهود أن الموقع هو "قبر روت ويشاي".

No comments:
Post a Comment